الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
الكوفة كانت تشكل مع البصرة والموصل أحد أقاليم العراق الثلاث، وقد مر عليها مئات السنين، وما زالت تحتفظ بشأنها المعنوي وقيمتها الروحية قديماً وحديثاً، وهذا المعنى يتوافق مع استشراف الروايات التي تنبأت ببقاء تأثيرها حتى عصر الظهور، فلم تندثر هذه المدينة أو تتلاشى بمرور الزمان والأيام، كحال الكثير من الأمصار والمدن التأريخية، وحينما تتكلم عنها الروايات فإنما تتكلم عنها بحسب موقعيتها الجغرافية المتعارفة.
وحتى إذا اختلفنا في امتداد حدودها الجغرافية باعتبار ما طرأ عليها من التوسعة أو التضييق تبعاً للمستجدات التي لحقت بها إدارياً أو سكانياً، فإن المقصود منها هو نفس هذه المدينة المعروفة بما تحمله من تراث وارث ومعالم، ومن المجازفة القول أن المقصود من أطلاق الروايات لاسم الكوفة قد يشمل المدن البعيدة عنها، بدعوى تابعية تلك المدن لها ولو من جهة تأثرها بمحوريتها ومركزيتها، ولذا نجد على سبيل المثال أن الروايات التي تتحدث عن عصر الظهور تتكلم أيضاً عن مدينة الحيرة أو عن ظهر الكوفة (النجف) مع قرب هذه المدن ومجاورتها لها، وهذه قرينة على أن المقصود من الكوفة هي ذات المدينة المعروفة ولم تعنِ الروايات بعنوانها ما قد يمتد إلى غيرها.
نعم ذكرت الروايات أن هذه المدينة سوف تتسع أطرافها وتمتد حتى تتصل بما هو خارج عنها، كما روي ذلك في إرشاد الشيخ المفيد عن الإمام الصادق (عليه السلام): إذا قام قائم آل محمد (عليه السلام) بنى في ظهر الكوفة مسجداً له ألف باب واتصلت بيوت أهل الكوفة بنهري كربلاء. [الإرشاد للشيخ المفيد: ج٢، ص٣٨٠]
ولكن لا يعني ذلك أن تلك الامتدادات ستكون عنوانا جديداً لاسم الكوفة المعني بالروايات والأخبار، ومع ذلك حينما يرد عنوان الكوفة في أي رواية لابد من ملاحظة سياق حديثها ومضمونها للتعرف على فحوى الاطلاق وهل المقصود منه البقعة الجغرافية المعروفة أو بما يمثله ذلك الاطلاق من عنوان عام فاعل في جميع العراق، بل وفي العالم بأجمعه، بلحاظ ما ستكون عليه في عصر الظهور، فقد روى المفضل عن الإمام الصادق (عليه السلام): قلت: يا سيدي فأين تكون دار المهدي ومجتمع المؤمنين؟ قال: دار ملكه الكوفة، ومجلس حكمه: جامعها، وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة، وموضع خلواته الذكوات البيض من الغريين. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج٥٣، ص١١]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)