الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
ليس في الرواية ما يشير لكونها بصدد الحديث عن ميزة أو خصوصية تتعلق بطبيعة وكيفية الاتصال بين المؤمنين دون سواهم وإنما القدر المتيقن الذي نستفيده منها أنها تدحض بعض الأفكار التي تتوهم أن عصر الإمام (عجّل الله فرجه) سيأتي على أنقاض التطور التقني والتكنلوجي الذي بلغته الحضارة الإنسانية أو بعض الآراء التي تتصور أن المشروع المهدوي لا طاقة له على فرض نجاحه وانتصاره إلّا بعد انتكاسة مدنية الإنسان ورجوعه إلى عصر البداوة والتخلف تماشياً مع حرفية بعض النصوص التي تحدثت عن السيف أو الفرس أو الرمح، مع أن مقتضى طبيعة المتلقين ومستواهم العلمي آنذاك لم يكن ليسمح بأكثر من هذا البيان الذي يستوعبه السامع وقتذاك.
ولذلك من الخطأ بمكان أن نحمل كل ما ورد في روايات عصر الظهور على المعجزة أو خوارق العادات فإن الأمر لو كان كذلك لتحول الاستثناء إلى قاعدة والغيب إلى شهادة وهو الأمر الذي ترفضه روايات أهل البيت (عليهم السلام).
فقد روى النعماني عن بشير النبال أنه قال للإمام الباقر (عليه السلام): إنهم يقولون: إن المهدي لو قام لاستقامت له الأمور عفوا ولا يريق محجمة دم؟ فقال: كلا والذي نفسي بيده، لو استقامت لأحد عفواً لأستقامت لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) حين أدميت رباعيته، وشج في وجهه، كلا والذي نفسي بيده حتى نمسح نحن وأنتم العرق والعلق، ثم مسح جبهته. [الغيبة للشيخ النعماني: ص٢٩٤]
والرواية واضحة أن دولة الإمام (عجّل الله فرجه) لن تكون بدعاً في سيرة الأنبياء والمعصومين (عليهم السلام) من جهة انسجامها مع طبيعة زمانها وظروف عصرها، ولأجل ذلك نجد أن واحداً من شروط النهضة المهدوية هو أن يتوفر لديه عناصر الانتصار والظفر من العدة والعدد والأنصار ومن وراء ذلك وفوقه التأييد الإلهي ودعم الغيب.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)