الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
المتتبع لحياة الأئمة (عليهم السلام) يجد واضحاً أنهم عاشوا فترة حرجة جداً استدعت منهم أن يُخْفوا في أغلب الأحيان الإمام المفترض الطاعة بعدهم، خوفاً عليه من بطش الظلمة، مما يعني خلو الأرض من الحجة.
وأوضح مثال على ذلك، ما وجدناه في وصية الإمام الصادق (عليه السلام) لخمسة، كان أحدهم نفس المنصور، وكان من ضمنهم الإمام الكاظم (عليه السلام) وأمه وعبد الله الأفطح.
فقد كتب المنصور الدوانيقي إلى واليه على المدينة أن يقتل وصي الإمام الصادق (عليه السلام) كائناً من كان، فكان الإمام (عليه السلام) قد جعل الدوانيقي نفسه أحد أوصيائه فلا سبيل إلى قتله ولا قتل بقية الأوصياء.
والظاهر أن هذا الكلام من الإمام الرضا (عليه السلام)، صدر في وقتٍ كانت الدولة العباسية تحاول القضاء على صاحب هذا الأمر بعد الإمام الرضا (عليه السلام)، وقد سأله أحدهم أن يريه هذا الصاحب، فالإمام (عليه السلام) يقول له: إنا لو أجبناكم في كل ما تريدون لأنتج نتيجة سلبية، ولربما أخذ العباسيون صاحب هذا الأمر فيكون شراً لكم.
وهذا يعني أن نقرأ الفعل (أُخِذ) بصيغة المبني للمجهول.
وهذا المعنى هو ما يظهر من رواية العلامة المجلسي، حيث نقل أن الإمام الرضا روى عن الإمام الباقر (عليهما السلام) ما يلي: ولاية الله أسرّها إلى جبرئيل، وأسرّها جبرئيل إلى محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأسرّها محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى علي (عليه السلام)، وأسرّها علي (عليه السلام) إلى من شاء الله، ثم أنتم تذيعون ذلك! من الذي أمسك حرفاً سمعه؟... ثم قال الإمام (عليه السلام): فاتقوا الله ولا تذيعوا حديثنا، فلولا أن الله يدافع عن أوليائه من أعدائه وينتقم لأوليائه من أعدائه، أما رأيت ما صنع الله بآل برمك؟ وما انتقم لأبي الحسن (عليه السلام)... [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج٧٢، ص٧٨، ح٢٧]
ومن هنا يتضح لدينا الحكمة من حركة الإمام العسكري (عليه السلام) في إخفاء أمر صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)، فإن الدولة العباسية آنذاك كانت متربصة بالولد الذي سيخرج من صلبه ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً، فكان من الإمام العسكري (عليه السلام) إخفاؤه حفاظاً عليه (عجّل الله فرجه).
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)