فهرس المكتبة التخصصية
 كتاب مختار:
 البحث في المكتبة:
 كتب أخرى

الكتب الانتظار

القسم القسم: كتب أخرى الشخص المؤلف: السيد مرتضى المجتهدي السيستاني تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٦/٠٧/١٩ المشاهدات المشاهدات: ١٠٧٤٦ التعليقات التعليقات: ٠

الانتظار

تأليف: السيد مرتضى المجتهدي السيستاني
ترجمة: السيد الزاملي

الفهرس

المقدّمة
منزلة الانتظار
عوامل الانتظار
معرفة آثار الانتظار
١ - التحرّر من اليأس والخلاص من القنوط
٢ - التكامل الروحي
الشيخ الأنصاري في منزل الإمام (عليه السلام)
٣ - معرفة مقام الولاية
٤ - معرفة المدّعي
إشارة إلى قدرتهم
معرفة زمان الظهور
١ - طهارة الباطن
٢ - تكامل العقول في زمان الظهور
٣ - التحوّل العظيم في العالم
نتيجة البحث

المقدّمة

الانتظار فصل اُستل من كتاب يقع في جزئين، عنوانه أسرار التوفيق اُلّف باللّغة الفارسية بقلم أخينا المجلّل وعزيزنا المبجل سماحة حجّة الإسلام والمسلمين السيد مرتضى المجتهدي السيستاني الّذي طالما أتحف المكتبة الولائية ببحوث ممتازة عبدت الطريق لعشاق الولاء وطالبي الحقيقة. وقد قمت بترجمته إلى اللّغة العربية من أجل أن يستفيد قراؤها الكرام من بحوثه النافعة وفصوله الثمينة. وسيطبع قريباً بإذن الله تعالى إلّا أنّنا بادرنا إلى طبع فصل الانتظار ونشره ليكون هذا العمل مقترناً بولادة النور والبركة لسيدنا ومولانا المنقذ الأعظم الحجّة بن الحسن أرواحنا فداه، طالبين بذلك من وجوده الأقدس الرضا والمدد بجاه اُمّه الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام).

١٥ شعبان المعظم ١٤٢٢ ه ق قم المقدّسة

من كلمات الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «أفضل عبادة المؤمن، انتظار فرج الله».

منزلة الانتظار

الانتظار من الصفات العالية الّتي يحملها اُولئك الّذين وفّقوا للنهوض والسعي في صراط التوفيق؛ إذ أنّ الكلمات الثمينة والروايات المقدّسة الّتي صدرت عن الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) بخصوص الشخصيات الكبيرة في زمان الغيبة الكبرى بينت أنّ منتظري زمان الظهور أفضل النّاس في جميع الأزمنة. وعلى هذا الأساس فإنّ الجماعة المؤمنة الّتي تحمل وعياً كاملًا عن مسألة الانتظار تتمتّع بأهمّ عامل للتوفيق والتقدّم في هذا الزّمان. والحقيقة أنّ الإنسان بإمكانه أن يظفر بجميع عوامل وأسباب التعالي والتكامل في موضوع وببركة تلك العوامل والأسباب يعرج إلى سماء المعنوية ويتحرّر من المشاكل والمصائب الروحية، ويستقرّ في نهاية المطاف على ساحل النجاة الأمين.
طبيعي فإنّ الانتظار الواقعي والكامل أمر صعب، تحيط به هالة من الأسرار، والقلّة القليلة هي وحدها الّتي تستطيع أن تشقّ طريقها إليه وأن تتمرّد على الأعداء ولا تُخدع بما ينسجون من أحابيل الضلال والخداع(١).
لأنّ الانتظار في مراحله النهائية العالية - وهذا مختصّ بالخاصّة من أصحاب الإمام عجّ ل الله تعالى فرجه الشريف - يعني الاستعداد الكامل والمبادرة على أساس طاقات وقوي غير طبيعية، إلى تطبيق النظام الإلهي والعمل في خدمة وإسناد الحكومة الملكوتية العالمية للإمام بقية الله في أرضه. إنّ الانتظار في أية مرحلة من مراحله يعتبر نوع استمداد باطني من عالم الغيب وطريقاً للتقرّب إلى الله تعالى. وإذا ما استمرّ وتكامل فإنّه بمرور الزمان يستطيع أن يقتلع من الجذور كلّ الحجب الظلمانية الّتي أخذت مكانها في أعماق الإنسان وفي وجوده الباطني وضميره الداخلي، فتضيء به في أعماق الإنسان نوافذ النور والأمل والرجاء ويفتح بذلك إمام الإنسان سبيل التكامل. لأنّ الانتظار حالة من الاستعداد لازمة في جميع الأبعاد، توجّهُ باطن الإنسان إلى عالم من الصفاء والنور والخشوع. وذلك عالم تنتفي في أرضة جميع القدرات الشيطانية والإغراءات المادّية، وتشرق في أعماق نفوس أهلة أنوارٌ إلهية تستوعب كلّ افاقة وتملأ جميع نواحيه. وبعد ذكر هذه الحقيقة واستيعابها نقول: إنّ الّذي نهض من أجل بلوغ مراحل عالية في صراط الانتظار يمتلك قدرات غير طبيعية وقابليات خارقة للعادة. إذ أنّه كما نعلم أنّ حكومة إمام العصر أرواحنا فداه حكومة ملكوتية واستثنائية في تاريخ البشرية كلّه، ودرك واقع تلك الحكومة الكامل فوق قدرات فكرنا وفهمنا؛ لأنّ الفكر الّذي يبني تلك الحكومة ويديرها فكرٌ معصوم من كلّ خطأ ونقص.
ويجب أن يحيط بالإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف فيها صفوةٌ ملكوتية تقف في الخطّ الأوّل لنصرة الإمام والدفاع عنه، هذه الصفوة لابدّ أن تكون من أهل صراط الانتظار ولديها قدرة الطاعة الكاملة من حيث الاستعداد والعلم بأوامر الإمام وقوانينه، تلك الطاعة الّتي هي بحاجة إلى قدرات وقابليات خارقة للعادة(٢).
إن الروايات الّتي تحدّثت عن الصفوة الممتازة من أنصار الإمام وهم «٣١٣» والّتي بينت أوصافهم وخصوصياتهم ذكرت أنّهم يحملون قدرات روحية غير طبيعية وخارقة حتّى في زمان الغيبة.
عوامل الانتظار
لابدّ من فهم واستيعاب حقيقة ومعني الانتظار ثمّ السعي والتحرّك من أجلِ ترسيخهما في نفوسنا وفي نفوس الآخرين. ومن أجل استيعاب حقيقة الانتظار وتعليمها وتجلية عظمتها للآخرين توجد طُرق متعدّدة يمكن بالاستفادة منها واعتمادها أن نوجد حالة الانتظار في المجتمع وأن نُربي على أساسها بذور الانتظار. وإليك بعضاً من أهمّ الطرق الّتي يمكن بوسيلتها ترغيب المجتمع إلى الانتظار وزرع الميل والرغبة الحقيقة في النفوس للالتزام به:
١ - معرفة مقام الولاية العظيم ومعرفة عظمة الإمام صاحب الزمان (عليه السلام) قدر الإمكان.
٢ - التعرّف على الآثار والنتائج المدهشة للانتظار بمعناه الكامل وفي مراحلة العليا.
٣ - التعرّف على أوصاف وخصوصيات أصحاب الإمام أرواحنا فداه الّذين بلغوا مرحلة الانتظار العليا والّذين يحملون قدرات روحية عظيمة ويلتزمون بالتطبيق السريع والكامل لأوامر الإمام أرواحنا فداه.
٤ - التعرّف على مستقبل الإنسان والعالم، والتعرّف على التحوّلات العظيمة والتغييرات المختلفة المهمّة الّتي تقع في حياة الناس في زمان الظهور(٣).
معرفة مقام الإمام صاحب الزمان أرواحنا فداه، معرفة أنصاره الكبار، حركة التكامل العلمي وكمال العقول، الارتباط بعالم الغيب، معرفة الموجودات المجهولة، السفر إلى الفضاء البعيد ومسائل أخري من هذا القبيل أمور مهمّة تدعو الناس وترغبهم في مسألة ظهور الإمام عجّل الله تعالى له الفرج، وتوجد حالة الانتظار والاستعداد لدولته الكريمة ذات العظمة والابّهة والّتي تنطوي على أسرار الهية مدهشة. العلم بهذه الحقائق والتعرّف عليها يوجد اشتياقاً في القلوب وهيجاناً في نفوس الناس الّذين يحملون طينة طاهرة ويصبح الانتظار لديهم ضرباً من السلوك يرون فيه مقدمة لتعجيل ظهور الإمام وهذه وظائف مسلمة لكلّ مسلم. وإليك الآن عرضاً تحليلياً لتلك الاُمور:
معرفة مقام الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف معرفة خصوصيات الإمام وأوصافه المقدّسة أرواحنا فداه والتوجّه الدائم والكامل لوجوده الشريف عاملٌ مهمّ في صنع الانتظار. إذ أنّ معرفة هذا الأمر والاعتقاد به وهو أنّه لا وجود لأحد سواه في عالم الخلق يتّصف باللياقة التامّة لقيادة العالم وإصلاحه وتدبيره، وهذه المعرفة تُحدثُ جاذبية قوية في الإنسان العارف نحو الإمام أرواحنا فداه إنّه صلوات الله وسلامه عليه الذخيرة الإلهية والبقية الوحيدة في سلسلة قادة عالم الخلق، يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في شأن تلك السلسلة المقدّسة: علم الأنبياء في علمهم، وسرّ الأوصياء في سرّهم، وعزّ الأولياء في عزّهم، كالقطرة في البحر والذّرّة في القفر(٤).
ونحن الآن في زمان آخر إمام من تلك العترة الطاهرة، مسؤولون وموظّفون أن نخلّص أنفسنا من الهلاك والغفلة بالتّوجّه إليه وبالمتابعة والطاعة لإرشاداته الهادية، وأن نستعدّ وننتظر حكومته الإلهية الّتي ترتفع بها راية العدالة والحقّ والهدي. وممّا يحقّق أن يكون الإنسان ذاكراً له دائماً، ومنتظراً لشروق شمس ولايته كما أمر هو (عليه السلام) الّذي يحقّق ذلك أن يعرف الإنسان الإمام في هذا الزمان وأن يعلم ويعي الإمداد الغيبي الّذي يفيضه الله تعالى ببركة وجوده المقدّس في زمان الغيبة، وأن يعرف التحوّلات الكبرى الّتي تتحقّق على يده المباركة في زمان ظهوره في عالم الإنسان والدنيا. هذه المعرفة إذا حملها الإنسان راسخة في قلبه قوية في ضميره، متحرّكة في نفسه ووجدانه، هذه المعرفة بلا شك تقتلع حجاب الغفلة من القلب وتقطّع قيود النفس والضمير وتحرّر الوجدان، فتحلّ محلّ ذلك النورانية والبصيرة والصفاء.
وإليك هذه الرواية الشريفة الّتي تبين الإمدادات الغيبية لوجوده الأقدس في زمان الغيبة.
روي جابر بن يزيد الجعفي عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال:... ذاك الَّذي يفتح الله - تعالى ذكره - على يديه مشارق الأرض ومغارها. ذاك الّذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه بالإيمان. قال: فقال جابر: يا رسول الله؛ فهل ينتفع الشيعة به في غيبته؟ فقال (صلّى الله عليه وآله وسلم): اي والّذي بعثني بالنّبوّة إنّهم لينتفعون به ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشّمس، وإن جلّلها السحاب.
يا جابر؛ هذا مكنون سرّ الله ومخزون علمه فاكتمه إلاّ عن أهله(٥).
إنّ في هذا الزمان وإن كان الإمام غائباً ولكنّ الحقيقة أنّ ستار الغيبة قد غطّي قلوبنا وإلاّ فالإمام نور مشرق وإن الإمام ظاهر بشخصه لصاحب القلب البصير وإن كان غير بصير العين(٦).
التوجّه إلى هذه الحقيقة يقود الإنسان إلى معرفة مقام الولاية وإلى علم وقدرة الإمام (عليه السلام) ويكون عاملاً مهمّاً في اتّساع حبّه ومودّته في القلوب ويوجد حالة الانتظار لحكومته العالمية الّتي يملأ بها الدنيا قسطاً وعدلًا كما ملئت ظلماً وجوراً.
معرفة آثار الانتظار
١ - التحرّر من اليأس والخلاص من القنوط
في المجتمع الّذي لا تأثير للدين في تفكير الناس وسلوكهم، ولا يهتمّ الناس بمستقبل أفضل لهم، تشيع في هكذا مجتمع أوضاع من قبيل التعثّر والاضطراب والقلق، القتل والدمّ، الانتحار والسرقة.
إذ أنّ أبناء ذلك المجتمع تحكمهم وتسيرهم العوامل السلبية كالفقر والظلم، والتمرّد على القانون، والتجاوز على حقوق الآخرين وكراماتهم.
وفي المقابل لا طريق للخلاص من هذه المهالك. ومن هنا سوف يقع هذا المجتمع في دوامة البلاء المدمّر الناشئ من اليأس والقنوط؛ إذ لا أمل لهؤلاء الناس بالله تعالى ولا بمستقبل مستقرّ، وقد فقدوا طريق الخلاص من هذا الدمار، فسوف يقعون لا محالة في مهاوي الانتحار والقتل والفاحشة وستضيع دنيا هذا المجتمع وآخرته، بل سوف تصبح الاُسرة كوحدة اجتماعية مصغّرة تشكل ونظائرها بنية المجتمع الكبرى عرضة للتفكك والانحلال والضياع.
أمّا الشخص الّذي يعيش في تفكيره ومجمل حياته في خطّ الانتظار المستقيم فإنّه في كلّ لحظة يعيش الأمل والرجاء بشروق شمس الولاية على ربوع عالم الوجود بأسره، وحينئذ سوف يمتنع هذا الإنسان امتناعاً شديداً عن التفكير بتلك الجنايات فضلًا عن الإقدام على ارتكابها.
إنّه يرى القتل والانتحار وسفك الدم وتدمير الآخرين جنايات يستحقّ عليها فاعلها عقوبات شديدة في الدنيا والآخرة، إنّه يري ذلك كلّه محرّماً وممنوعاً.
هذا الإنسان مفتوحٌ له باب انتظار الفرج كما أنّه متحرّرٌ بفضل ذلك من مشاكل القلق والاضطراب واليأس والقنوط. تأمّل في هذه الرواية المروية عن الإمام موسي بن جعفر (عليهما السلام): عن الحسن بن الجَهم قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن شيء من الفرَج، فقال (عليه السلام): أولست تعلم أنّ انتظار الفرج من الفرج؟ قلت: لا أدري إلاّ أن تعلّمني.
فقال (عليه السلام): نعم، انتظار الفرَج من الفرَج.
٢ - التكامل الروحي
الإنسان المنتظر بشكل كامل يمكنه أن يوجد في نفسه وواقعه مقداراً من حالات الناس في زمان الظهور مثل تطهير القلب، وبوسيلة الأمل والانتظار ينجي نفسه من اليأس والهلكة.
يتحدّث الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه الكرام عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أفضل عبادة المؤمن انتظار فرَج الله(٧). وهذا المنتظر يمكنه أن يحمل حالات التكامل الّتي تتحقّق فيزمان الظهور المبارك. وإليك هذه الرواية المهمّة الّتي يتحدّث فيها الإمام السجّاد (عليه السلام) إلى أبي خالد الكابلي عن المنتظرين لزمان الظهور: عن أبي خالد الكابلي عن علي بن الحسين (عليهما السلام): تمتدّ الغيبة بولي الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة بعده. يا أبا خالد؛ إنّ أهل زمان غيبته، القائلين بإمامته، المنتظرين لظهوره أفضل أهل كلّ زمان؛ لأنّ الله - تعالى ذكره – أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزّمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) بالسيف، اُولئك المخلصون حقّاً، وشيعتنا صدقاً، والدّعاة إلى دين الله سرّاً وجهراً. وقال (عليه السلام): انتظار الفرَج من أعظم الفرَج(٨).
المنتظرون الواقعيون الّذين تكاملوا في صراط الانتظار بحكم الاستعداد الذاتي الّذي يحملونه تجاه حكومة القدرات الغيبية الإلهية على كلّ الوجود، يتّصفون في زمان الغيبة بمقدار من خصوصيات ومواصفات المؤمنين في زمان الظهور، مثل خصوصية تطهير القلب الّتي تجعلهم في زمان ظلام الغيبة كأنّهم يعيشون زمان الظهور والشهود، وقد صارت الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة. ولو كان الانتظار لديهم غير مؤثّر فيهم تلك الآثار العظيمة إذن كيف يكون هذا الانتظار فرجهاً بل أعظم الفرج؟! إنّ هؤلاء يحكمون ارتباط زمان الغيبة بزمان الظهور، ويتّصفون ببعض حالات وصفات زمان الظهور وهم في زمان الغيبة(٩).
الشيخ الأنصاري في منزل الإمام (عليه السلام)
من أجل تنوير القلوب نذكر هذه الحادثة الّتي تتّصل بحياة وسيرة العالم الشيعي الكبير الفقيه الأعظم المرحوم الشيخ مرتضى الأنصاري الّذي كرّس حياته الشريفة لخدمة الشريعة المقدّسة بكلّ قدراته وإمكانياته سرّاً وجهراً.
نقل أحد تلاميذ المرحوم الشيخ الأنصاري ما يلي: وفّقت لزيارة الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) في إحدى زياراته الخاصّة. خرجت من المنزل بعد منتصف الليل قاصداً الحمام لغسل الزيارة ثمّ التوجّه للحرم الشريف. وكانت ليلة مظلمة والأزقّة غير معبّدة وقد حملت معي سراجاً لرؤية الطريق، فرأيت من بعيد شخصاً شبيهاً بالشيخ الأنصاري ولمّا اقتربت منه وإذاً هو الشيخ نفسه، فاستغربت لخروجه في هذا الوقت وفي مكان يصعب المشي فيه لوجود الحفر والطين في الزقاق ولكون بصره ضعيفاً. فقلت في نفسي إلى أين يريد؟ ولأنّي خفت عليه من التعرّض إلى خطر قصدته حتّى وقف على باب بيت قديم وبدا بقراءة زيارة الجامعة الكبيرة بتوجّه خاصّ ثمّ دخل البيت. بعدها لم أعد أري الشيخ ولكن كنت أسمع صوته وكأنّه يتحدّث مع شخص. رجعت بعدها وقصدت الحمّام ثمّ تشرّفت بزيارة الحرم، فرأيت الشيخ هناك.
وبعد انتهاء زيارتي وسفري رجعت إلى النجف الأشرف وهناك ذكرت للشيخ ما جري لي. يقول في البداية أنكر الشيخ الأنصاري ذلك وبعد الإصرار والشدّة في الطلب منّي قال لي الشيخ: احياناً يؤذن لي بالتشرّف بخدمة إمام العصر عجّل الله تعالى فرجه الشريف وأذهب إلى ذلك المنزل الّذي سوف لا تجده أنت، وأزور بزيارة الجامعة، وإذاً ما أذن لي ثانياً سوف أتشرّف بخدمته وأسأل منه عن الاُمور اللازمة.
ثمّ قال الشيخ: ما دمت حياً لا يجوز أن تذكر ذلك لأحد(١٠).
نعم هكذا شخصيات كبيرة وعالمة بالطريق هي الّتي تحمل استعداداً كاملاً لظهور الإمام أرواحنا فداه. لا اُولئك الّذين يؤولّون الآيات القرآنية ويحاربون الإمام في زمان ظهوره. رمز الموفقيات وسرّ المحروميات من الممكن أن يرد في الأذهان سؤال هو: كيف تمكن المرحوم الشيخ الأنصاري أنّه كلّما حصل على إذن تشرّف بالحضور عند منزل الإمام أرواحنا فداه وبزيارة الجامعة الكبيرة والإذن الثاني يتشرّف بالدخول في المنزل ويتكلّم مع إمامه العطوف؟ كيف تمكن الشيخ أن يوفّق لذلك؟ بينما تلميذه يري منزل الإمام أرواحنا فداه ولم يحصل على ذلك الافتخار الكبير الّذي حصل عليه استاذه الكبير، والّذي قال له: أنت سوف لا تجد ذلك المنزل؟! هذا السؤال المهمّ بحاجة إلى جواب مقنع. ممّا يؤسف له أنّ البعض قد يجيب على هكذا أسأله بجواب سريع وجاهز ومبهم، يجيب مثلًا: هذه إرادة الله، أو أنّ الله تعالى يقرّب البعض وليس لسائر الناس قرب معه - نعود بالله - وليس لسائر الناس ارتباط وعمل مع خالقهم! -نعوذ بالله - هكذا أجوبة هي في الواقع لدفع المسؤولية عن الإنسان، وهي أجوبة غير تامّة. ولذا سوف لا تكون أجوبة مقنعة ولا تكون أجوبة تهدي الإنسان إلى طريق نافع.
ونحن نجيب على هذا السؤال انطلاقاً من كلمات وروايات الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) فنقول: إنّ الله تبارك وتعالى ربٌ رحيمٌ ودود وقد دعا الناس جميعاً إلى سلوك طريق التكامل المعنوي والروحي، وفي هذه الدعوة العامّة للكلّ سوف يثيب ويؤجر جميع الّذين يجاهدون في هذا الطريق تماماً كالمضيف الكريم الّذي يوجّه دعوة عامّة ويكرم جميع الّذين يأتون إلى منزله ويحضرون فيه؛ الله تبارك وتعالى أيضاً أوجد أرضية التقدّم والتكامل في الإنسان وخلق فيه هذا الاستعداد من أجل أن يتمكن من بلوغ الهدف المعنوي السامي الرفيع فقال عزّ اسمه في القرآن المجيد: (وَالَّذينَ جاهَدُوا فينا لَنَهْدِينَّهُمْ سُبُلَنا)(١١).
وبعد هذه الدعوة تصبح المسؤولية منجّزة والوظيفة واضحة على أولئك الضيوف الّذين استجابوا لهذه الدعوة وسعوا في طريق التكامل المعنوي والتقدّم الروحي.
إذن أرضية التكامل واستعداد التقدّم المعنوي موجودة في الإنسان والكلّ عنده هذه القابلية ولكنّهم يرون هذا العطاء مجّاناً ولا يستفيدون منه تماماً كالّذي يملك ثروة جيدة يودعها في البنك ويكتفي بذلك دون أن يبادر إلى استثمارها وتوظيفها في المجالات الصحيحة المناسبة ثمّ توسيعها و... الاستفادة منها. ومن هنا فلكي يوفّق الإنسان لابدّ أن يستغلّ الاستعدادات والقابليات المودعة فيه ويعمل على سدّ نواقصه وجبر نقاط ضعفه وحينئذ يمكن أن ينال الهدف السامي. الكثير من الأشخاص يحملون هذه الاستعدادات والقابليات الجيدة ولكنّهم بسبب عدم اهتمامهم وبسبب إهمالهم يعملون على دفن تلك النعم في التراب تماماً كما كان بعض أصحاب الثروة في الأزمنة الماضية يعمدون إلى دفنها في التراب بحجّة المحافظة عليها ولا يستفيد أحد منها لا هم ولا أعقابهم. ولكي يتّضح كيف أنّ بعض الناس يملكون قدرات روحية أكثر وعندهم قابلية درك أكبر وأفضل، وكيف حصلوا على هذه القدرات؟ الجواب في كلمة للمرحوم الشيخ الحرّ العاملي العالم الشيعي الكبير والمحدّث المعروف يقول فيها: واضح أنّ الأبصار والسماع وأمثال ذلك ليس بالعين والاُذن استقلالاً، بل اُولئك وسائل للروح والروح بواسطتها تبصر وتسمع ولأنّ روح الإنسان ضعيفة؛ فإنّ إبصارها وسمعها سيكون مقيداً بالأسباب المادّية ومحدّداً بتلك الحدود.
ومن هنا لا يرى هؤلاء الناس إلاّ المادّيات وأنّهم عاجزون عن درك المسائل الروحية، ولكن إذا قويت روح الإنسان واستطاع صاحب الروح القوية بامتثال العبادات وإنجاز الواجبات وترك المحرّمات أن يحصل على مقام القرب الإلهي فتصبح روحه قوية، وإذا قويت الروح ازدادت قدرتها على الاستفادة من الماديات والطبيعيات، فيري صاحب الروح القوية بعينه أشياءً لا يراها الآخرون ويسمع بأُذنه ما لا يسمعه الآخرون، و... هذه القدرة والغلبة متفاوتة عند الأشخاص تماماً كما أنّ تقرّبهم إلى الله تعالى ليس بمستوى واحد.
كلّ شخص يتقرّب إلى الله تعالى بعباداته ومجاهداته وإذا ما قوي مستوى التقرب كانت حالاته الروحية والمعنوية أقوى وكان أشدّ دركاً وأعظم قدرة لأُمور لا يمكن أن يراها الآخرون إلا بعيونهم فقط ولا يسمعونها إلاّ بآذانهم فقط(١٢).
وقد اتّضح ببيان هذه الكلمة الّتي نقلناها لماذا أنّ أشخاصاً من أمثال المرحوم الشيخ الأنصاري يمكنهم بلوغ ذلك العلوّ والوصول إلى ذلك المستوى الرفيع والمقدّس بالاستفادة من نعم إلهية وعطايا ربّانية أودعها الفياض الكريم في وجودهم. ولكنّ الآخرين لا يملكون هذه القدرة ونظرهم قاصر عن رؤية ما يراه غيرهم.
امتلاك حالة الانتظار بمعناها الكامل يتحف الإنسان بدرك هذه المسائل وفهم هذه الأمور.
رؤية الباطن تعود كالأبصار الظاهري ما كان مخفياً يصبح ظاهراً موجوداً المنتظرون الّذين نضجوا في صراط الانتظار وبذلك اضحَوْا موجوداً آخر في بناء الذات واستعداد الروح بالفرار من الهوي وبعروج الروح وشدّة القوي هؤلاء المنتظرون يستطيعون أن يتحرّروا من تسلّط النفس فلا يمكن تلك النفس الّتي سلبت قدرتها أن تجذبهم إليها تماماً كالسفينة الفضائية عند ما تخرج من مدار الأرض فليس بإمكان جاذبية الأرض أن تؤثّر فيها. أنت أيضاً أيها المؤمن عليك أن تخرج وتتحرّر من مدار نفسك وحينئذ لا يمكن تلك النفس ولا الوساوس الشيطانية أن تؤثّر فيك. أنصار أهل البيت (عليهم السلام) أمثال سلمان كانوا هكذا. اُولئك استطاعوا أن يتحرّروا بشكل كامل من قيود النفس وتمكنوا أن يركلوا الماديات بأقدامهم زاهدين عارفين فارتبطوا بعالم الغيب وامتلكوا قدرة الولاية والتسلّط على الأشياء كما كان سلمان وغيره هكذا.
السرّ كلّ السرّ يمكن في الخروج عن مدار النّفس والتخلّص من كلّما يمت إلى الهوى بصلة وتحطيم الميول والرغبات، وتربية وتنمية اتّجاه واحد وتقوية ميل فرد ألا وهو الميل والاتّجاه لعلي أمير المؤمنين والأئمّة الطاهرين (عليهم السلام) فأصبح هذا الاتّجاه حاكماً على كلّ ميل وزعيماً لكلّ نشاط، فتفجّرت القوي الخيرة والاستعدادات الكاملة حيث وجدت لها مخرجاً للتفجّر وسبيلًا للظهور. هؤلاء يدركون القدرات المخفية والقوي الغيبية ويستفيدون منها في طريق التكامل المعنوي.
٣ - معرفة مقام الولاية
انتظار الظهور يرسخ في قلب المنتظر ويحكم في روحه قدرة ولاية إمام العصر أرواحنا فداه، ويمكنه من الثبات والاستقامة على هذه العقيدة، وإنّ الله تعالى سوف يمكن وليه المهديّ المنتظر (عليه السلام) حيث تتجلّي القدرة الإلهية على يده الشريفة وإلى جوار بيت الله الحرام في يومه الموعود.
ومن هناك تبدأ الانطلاقة الكبرى والحركة الإلهية العظمي الّتي ستسحق بلا هوادة جميع الطغاة المجرمين والسفّاكين المتجبّرين الّذين غرقوا بدماء المظلومين والمستضعفين والمحرومين. ويتّضح لجميع أهل العالم بما ليس فيه شك ولا ريب مدي قوّة وقدرة وعظمة وصلابة الولاية الكبرى، وأنّ من يحمل هذه الولاية تظهر على يديه وتتجلّي آثار القدرة الإلهية الّتي تغير العالم برمّته إلى حكومة العدل المطلق. وهذه هي عقيدة الشخص المنتظر.
وعلى هذا فإنّ انتظار الظهور يقترن دائماً بالاعتقاد الراسخ بمعارف وحقائق وعقائد الدين الأصلية؛ لأنّ الانتظار ينمّي ويربّي بذور المعرفة ولهم العقائد الحقّة في أذهان المنتظرين ويرسخ في قلوبهم أنّ: العالم برمته سيقع يوماً لا محالة تحت سيطرة وقدرة الولاية، وسوف تنهار أمامها كلّ القدرات أو تسلّم لها طائعة، وينطوي بساط الحضارة المادية كلّها بيد صاحب الولاية الإلهية العظمي ويصبح العالم في اختيار القدرات المعجزة للمصلح العالمي أرواحنا فداه وعجّل الله تعالى فرجه الشريف وفرجنا به. اللّهمّ آمين.
٤ - معرفة المدّعي
في التاريخ الشيعي الطويل ظهر افراد متعدّدون ادّعوا المهدوية، وزعموا لأنفسهم أنّهم قادة ومصلحو العالم، وقد خدعوا عدداً من الناس
ونهبوا الأموال وورّطوا السذّج بالضلال؛ ولكن الشيعة المخلصين أصحاب الانتظار الواقعي، والّذين يملكون قلوباً منوّرة بنور الولاية ويملكون كذلك المعرفة الصحيحة الّتي تحدّد لهم معالم وعلامات الغيبة والظهور لم يخدعوا بهؤلاء ولم يقعوا في شباك صيدهم وضلالهم وخاطبوهم بلسان الحال: إذهبوا وضعوا شباك ضلالكم في أعناق غيرنا فإنّ العنق الشاهقة لا ترقي إليها شبكة الصياد وعي وفهم اُولئك المخلصين ومعرفتهم بقطّاع الطريق والصيادين، إنّما هو ببركة معرفتهم بمقام الإمامة الرفيع، وبهذه الجهة لم يكونوا مستعدّين أن يبيعوا ماء الحياة بالسراب ولم يقبلوا دعوة الغاصبين والسارقين أن يكون بيدهم زمام الإمامة. معرفة المنتظرين المتكاملين أو الأصحاب الكبار لإمام العصر أرواحنا فداه من الآثار المدهشة للانتظار، والّتي يظفر بها الكُمَّل من المنتظرين أنّ هؤلاء ليسوا فقط عارفين بمقام الولاية العظيمة لأهل البيت (عليهم السلام) من حيث الاعتقاد الراسخ، بل هم يعتَبرون منافذ لنور شمس الولاية المشرق.
بمعنى أنّهم على أثر التكامل الّذي كسبوه في مسير الانتظار، وفي حدود قابلياتهم وسعتهم؛ من بركات المعرفة بمقام أهل بيت الوحي (عليهم السلام) على أثر ذلك استطاعوا أن يكسبوا قدرات معنوية وقابليات روحية عالية وبالاستفادة منها تمكنوا من إنجاز المهمّات والأعمال الّتي انيطت بهم مسؤولية إنجازها. هؤلاء الأشخاص في طليعة أنصار إمام العصر أرواحنا فداه والسابقين إلى مقام ولايته (عليه السلام). يقول تعالى في كتابه الشريف: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيراتِ أَينَ ما تَكونُوا يأْتِ بِكمُ الله جَميعاً)(١٣)، هذه الآية تتحدّث عن أنصار الإمام الأوائل وعددهم «٣١٣» ناصراً، الّذين يأتي بهم الله تعالى من أماكنهم المختلفة بقدرة إعجازية حتّى يجتمعوا حول الإمام إلى جوار الكعبة المعظّمة في يوم الظهور المقدّس وينصرونه وبذلك يضعون حدّاً نهائياً لتاريخ الظلم والكفر.
هنا ربّما يخطر هذا السؤال في أذهان بعض الناس وهو: ما المقصود من سبقة اُولئك الأبرار في الخيرات؟ وما هي الخصال الّتي يسبق بها هؤلاء على غيرهم؟ حتّى بلغوا ذلك المقام؟! جواب هذه السؤال نأخذه من مذهب الوحي الناطق بالحقّ والصدق وهو: قال الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير هذه الآية الكريمة: (الْخَيراتُ)؛ الْوِلاية لَنا أَهْلَ الْبَيتِ(١٤).
إشارة إلى قدرتهم
كلّما إجتهد الإنسان في قبول الولاية وترسيخها في أعماقه كانت روحه أقوي وازدادت قدرته غير العادية أكثر؛ إلى حدّ يمكنه بقدرة روحه أن يتصرّف بالموجودات المادية وحتّى غير المادّية ويحكم عليها.
وإليك هذه القضية عن المرحوم السيد بحر العلوم قدس سره: كان السيد بحر العلوم قدس سره يعاني من مرض ضيق النفس - الخفقان - وقد خرج يوماً من النجف الأشرف قاصداً زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في إحدى زياراته (عليه السلام) الخاصّة وكان الوقت صيفاً وشديد الحرّ. وقد استغرب الناس كيف أنّ السيد وهو مريض يسافر في الحرّ؟ وكان من بين الّذين معه في السفر المرحوم الشيخ حسين نجف. وكان من العلماء المعروفين في زمان السيد. لمّا تحرّكوا من النجف وإذا سحابة تظلّهم وتتبدّل حرارة الهواء ويهب عليهم نسيم معتدل. وبقيت السحابة تظلّهم حتّى اقتربوا من «خان شور» هناك إلتقى أحد معارف الشيخ حسين نجف به وقد تأخّر الشيخ معه عن السيد.
وأمّا السحابة فقد بقيت تُظلّ السيد حتّى وصل، إلى محطّت القافلة، وأمّا الشيخ فقد آذته حرارة الهواء وقد تأثّر ووقع من مركبه وأغمي عليه بسبب كبر سنّه وضعف بُنيته من شدّة الحرّ، فحمله صديقه إلى أن أوصله إلى مكان السيد بحر العلوم ولمّا أفاق قال: سيدنا لِمَ لَم تدركنا الرحمة؟ أجابه السيد: لِمَ تخلّفتم عنها؟
وفي هذا الجواب كناية دقيقة(١٥).
هذه هي قدرة تصرّف أنصار الإمام صاحب الزمان أرواحنا فداه. وهناك من أصحاب الإمام ال «٣١٣» من تسخر له قدرة السحاب ويستفيد من أسرارها فيحضر عند الإمام أرواحنا فداه في وقت ظهوره بواسطة السحاب. قال المفضّل: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إِذا اُذِنَ للإِمامُ دَعَا الله بِاسْمِهِ الْعِبْراني فَاُتيحَتْ لَهُ صَحابَتُهُ الثَّلاثَمِائَة وَثَلاثَة عَشَرَ قَزَعٌ كقَزَعِ الْخَريفِ وَهُمْ أَصْحابُ الْاَلْوِية، مِنْهُمْ مَنْ يفْقَدُ عَنْ فِراشِهِ لَيلاً فَيصْ بِحُ بِمَكة، وَمِنْهُمْ مَنْ يرى يسيرُ فِي السَّحابِ نَهاراً يعْرَفُ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبيهِ وَحِلْيتِهِ وَنَسَبَهِ. قُلْتُ: جُعِلْتُ فِداكَ؛ أَيهُمْ أَعْظَمُ إيماناً؟ قالَ: اَلَّذي يسيرُ في السَّحابِ نَهاراً وَهُمْ الْمَفْقُودُونَ وَفيهِمْ نُزِلَتْ هذِهِ الآية: (أَينَما تَكوُنوُا يأْتِ بِكمُ الله جَميعاً)(١٦).(١٧)
معرفة زمان الظهور
أنّ معرفة وضع العالم في زمان الظهور والتحوّلات العظيمة الّتي تقع فيه يدفع بالإنسان إلى المزيد من المعرفة بمسألة الانتظار. إنّه تحوّل مدهش جدّاً يحصل للإنسان ولأوضاع العالم يومئذ إلى حدّ يظهر فيه الإنسان والعالم بمظهر جديد على أثر تلك التحوّلات الأساسية الكبرى وإليك عرضاً مختصراً عن التحوّلات الّتي تحدث في أعماق وجود الإنسان:
١ - طهارة الباطن
من المسائل الاعتقادية الّتي تستحقّ الفهم والبحث مسألة الطينة، وكيفية اختلاط الطينة الطاهرة بغيرها، وقد بينت الروايات الإسلامية ما هو المقصود من الطينة، ولماذا تختلط مع بعضها البعض، الطاهرة وغيرها، وكيفية تطهير الطينة ممّا اختلط بها من الأغيار. وتفصيل ذلك لا يناسب بحثنا المختصر ونكتفي بإشارة إلى النقطة التالية: من خصوصيات زمان الظهور، تطهير الطينة ممّا اختلط بها وتطهير النفس والضمير الباطني من اللوث الّذي يتراكم في أعماق وجود الإنسان نتيجة عوامل متعدّدة من أهمّها الغفلة والذنوب. لماذا نقول إنّ الناس يطهّرون في زمان ظهور الإمام من اللوث المعنوي والاختلاط والأغيار الّتي تهبط بالإنسان إلى مستوى الشقاء؟ قبل الإجابة على هذا السؤال، نذكر قصّة لتوضيح هذا المطلب وهي: «شيبة بن عثمان» كان أعدى أعداء النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلم) وكان يحمل في نفسه فكرة قتل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم)، وقد اشترك في معركة «حنين» ليتمكن من تنفيذ مأربه الشنيع.
وحينما تفرّق الناس عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) وبقي وحده، اقترب «شيبة» إليه من جهت الخلف فاندلعت قطعة من النار بوجهه ولم تكن له طاقة على مواجهتها فلم يتمكن من تنفيذ هدفه القبيح. فنظر إليه النبي ودعاه إليه وقال: يا شيبة؛ اقترب منّي ثمّ وضع النبي يده على صدره وببركة يد النبي زرعت محبّة الرسول في قلبه حتّى صار النبي أحبّ الناس إليه.
فاندفع منذ ذلك الحين للدفاع عن النبي ومواجهة أعدائه إلى درجة أنّه كان مستعدّاً حتّى لقتل أبيه دفاعاً عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم)(١٨).
هنا يتّضح كيف أنّ اليد المباركة للرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلم) استطاعت أنتحدث تحوّلًا أساسياً في قلب أعدي أعدائه حينما وضعها على صدره واستطاعت تلك اليد الإلهية أن تطهّر نفساً ملوّثة وطينة سيئة حتّى انفصل عن جيش الكفر والتحق مدافعاً عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم). إنّ وضع يد النبي على صدر «شيبه» استطاعت أن تحدث في أعماقه تبدّلًا معنوياً اكتمل به عقله فنجي من الضلال والهلاك.
بعد بيان هذه الحادثة التاريخية والإعجازية بنفس الوقت الّتي هي بمثابة مقدّمة لما نريد أن نجيب به على السؤال الآنف الذكر، وإليك الجواب: يقول الإمام الباقر (عليه السلام): إِذا قامَ قائِمُنا وَضَعَ يدَهُ عَلى رُؤُوسِ الْعِبادِ، فَجَمَعَ بِهِ عُقُولَهُمْ وَأَكمَلَ بِهِ اَخْلاقَهُمْ(١٩).
والإمام أرواحنا فداه بهذا العمل يتمكن أن يطهّر باطن من يضع يده الشريفة على رأسه ويحرّر العباد الصالحين من اللوث والكدورة الّتي أصيبوا بها.
٢ - تكامل العقول في زمان الظهور
نوضح الآن نقطتين أساسيتين في الرواية الشريفة:
أوّلًا: إنّ الإمام أرواحنا فداه لم يضع يده على رؤوس أصحابه وأنصاره فقط بل يضع يده الشريفة على رؤوس جميع العباد. يعني جميع اُولئك الّذين يؤمنون بعبادة الله تعالى؛ حتّى ولو لم يكونوا من أنصاره في الحرب أمثال كبار السنّ والأطفال.
ثانياً: ينجي الإمام عقول جميع الناس من التفرقة والتبعثر ويصير الكلّ من أصحاب العقول الكاملة الّتي تكون منشأً للأفهام الراقية والإدراكات الخارقة للعادة. كمال العقول يعني أنّ النّاس يستطيعون أن يستفيدوا من جميع قدراتهم العقلية.
وإذا ما استفيد من القدرة العقلية الكاملة الّتي أودعها الله تعالى في العبد كانت في الواقع قدرة استثنائية وخارقة للعادة قياساً للإنجازات الضخمة الّتي تحقّقت في تاريخ البشر رغم أنّها من معطيات نسبة قليلة من التمركز العقلي. نعم في اليوم الّذي توضع فيه اليد الإلهية على رؤوس أهل الدنيا وتلاطف بدلال ورحمة اُولئك الّذين ذاقوا العذاب والألم في تاريخ الغيبة، حينئذ تتجلّي وتظهر القوى الكامنة والمخفية على أثر التكامل العقلي، ويصل المجتمع الإنساني إلى أعلى مراحل التكامل والرشد العلمي والعملي ويتحقّق التمدّن المدهش لزمان الظهور. ولكي تتعرّف أكثر على آثار وقدرات التكامل العقلي العجيبة إليك هذا التوضيح عن قدرة الدماغ الكبيرة.
«كلّ انسان أعمّ من كونه نابغة أو شخصاً عادّياً لا يستعمل أكثر من نسبة واحد في المليارد من قدرته العقلية في حياته. وإذا كانت النسبة الّتي تستعمل من قدرة الدماغ الكلية هي واحد في المليارد وبنحو أعمّمن قدرة دماغ نابغة أو إنسان عادّي، فإنّ التفاوت الّذي يشاهد بينهما هو تفاوت كيفي لا كمّي»(٢٠).
يعني حتّى النوابغ الّذين يحملون قدرات فكرية عجيبة هم أيضاً يستعملون فقط نسبة واحد في المليارد لا أكثر من قوّة أدمغتهم، ولكن الكيفية الّتي ينتفعون بها من تلك النسبة أفضل من الآخرين.
«قبل بضعة سنين ملأ أحد الرياضيين المعاصرين الأجواء صيتاً في مطلب رياضي. وقد خمّن هذا الرياضي أنّ دماغ الإنسان يستطيع من الناحية العملية أن يدّخر نسبة عشرة أقسام من المعلومات. وإذا ما أردنا أن نبين هذا الرقم بنسبة واضحة وبسيطة سوف يكون هكذا، أنّ كلّ واحد من أبناء الإنسان يستطيع أن يختزن في حافظته جميع المعلومات الّتي تحتويها ملايين الكتب الموجودة في أكبر مكتبة عالمية في موسكو.
وهذا الكلام في النظرة الأولي - كما أكدت وأيدت المحاسبات الأولى الّتي اجريت حوله - كلام محير ومدهش(٢١).
«والآن تأمّل في ما يلي: إذا استطاعت قدرة الدماغ الإنساني ببركت نور الولاية للمصلح العالمي الأعظم أرواحنا فداه أن تبلغ حدّ التكامل واستفاد الإنسان من جميع قدرته العقلية المودعة فيه، لا فقط نسبة واحد في المليارد، وأصبح العلم والتمدّن حاكماً على كلّ الأرض فكيف سيكون وجه العالم وحقيقته يومئذٍ؟! عندما يتحقّق التكامل العقلي باستغلال كلّ الطاقة الدماغية الموجودة وتمكن الإنسان أن يستفيد من قدرات الروح الكامنة والمختفية عن التجلّي، واستطاع أن يوقظها وينتفع منها، أمكنه حينئذ أن يجعل من جسمه تابعاً لروحه وأن يتمسّك بقدرة «التروّح» يعني يتمكن أن يبدّل جسمه المادّي إلى قوّة وطاقة معنوية فيتحرّر من الحالة الجسمية والمادية، وإذا ما كان الإنسان قادراً على ذلك؛ تتحقّق على يديه كرامات كثيرة في زمانه العادّي. في زمان الغيبة أفراد قليلون هم الّذين يملكون قدرة «طي الأرض» وقد استفادوا ذلك من هذا الطريق أي بسلب الحالة الجسمية والمادّية من أجسامهم، وتبدّلوا إلى طاقة من الأمواج، فيظهرون بلحظة واحدة في نقطة اُخرى من العالم، هؤلاء بالقدرة الّتي يملكونها يستطيعون هداية وتوجيه الجسم المتروّح - المتبدّل إلى روح - إلى أية نقطة يريدونها ثمّ يتجسّمون في تلك النقطة الجديدة.
٣ - التحوّل العظيم في العالم
في يوم الظهور المشرق سيقع تحوّل عظيم في الأرض ويحسب التعبير القرآني: (يوْمَ تُبَدَّلُ الاَرْضُ غَيرَ الْاَرْضِ)(٢٢)، وليس هذا فحسب بل الزمان نفسه يتبدّل كما في الرواية الشريفة: إِذا اتَّسَع الزَّمان، فَأَبرار الزَّمان أولي بِهِ(٢٣).
واليوم يعتقد جميع العلماء أنّ المادّة تكوّنت من الارتعاشات، ويمكن ارسال هذه الارتعاشات إلى أبعد نقطة بتوسّط الأمواج الصوتية، كالتصاوير والأصوات وفي النتيجة يمكن تبديل أرگانيزم الإنسان الّذي خلق من المادّة إلى ارتعاش وإرساله بواسطة الإلكترونيك إلى أيّ نقطة في العالم، ويعتقد أنّ في المستقبل القريب يمكن العثور على طرق وسبل يمكن بها تحليل بدن الإنسان إلى ارتعاشات وإرسالها إلى الفضاء وهناك يتمّ جمع الذرّات الّتي انفصلت عن بعضها. والآن بإمكان القرّاء أن يحكموا أنّ الإنسان روح وأنّ جسمه ليس إلاّ مجموعة ذرّات مادية متمركزة ويمكن بتقليص الارتعاشات وخفضها أن يحوّل البدن إلى أيّ شكل يراد(٢٤).
وفي يوم ما يمكن أن ترى عين الإنسان أنّ جسمه يتبدّل إلى جريان من الإلكترون وفي ظلّ ذلك التبدّل يرسل هذا الجريان الإلكتروني إلى نقطة بعيدة وهناك يتمّ تجمّع الذرّات الّتي تكون البدن مجدّداً(٢٥).
وبناءً على تكامل القوى العقلية بشكل تامّ كما صُرّح بذلك في الرواية تتغلّب الروح على المادّة بشكل كامل ويصبح الإنسان حاكماً على جسمه ويمكنه أن يستفيد كثيراً من هذا التحوّل في ذلك اليوم المملوء جلالاً وبهاءً، والمجهول بنفس الوقت، تتبدّل حياة البشر المعتمدة على المادّة إلى نحو آخر وكيفية اُخرى.
وفي ظلّ تجلّي ولاية أهل البيت (عليهم السلام) الكامل يصل علم الإنسان وفكره إلى أعلى نقطة ممكنة، ويستطيع الناس أن يستفيدوا من تقدّم العلم في جميع آفاقهم الحياتية بسهولة وراحة، وتظهر أسرار أولياء الله الّتي كتموها بسبب عدم استعداد وتحمّل البشر، ويعلّمون الناس الأسرار المدهشة الكامنة في وجودهم والمختفية في عالمهم العيني والخارجي ويفتح لهم باب التربية العليا والتكامل النهائي. ربما يكون تقبّل هذه الاُمور صعباً علينا ولا نصدّق ذلك المستوى من التقدّم العلمي؛ مع أنّنا نعلم أنّ عقل الإنسان لو تحرّر من أسر الشيطان وقيود الجهل لكانت النتيجة الحتمية تكامل الإنسان في جميع الأبعاد بحيث لا يبقى سرّ في الوجود مختفياً عن الإدراك الإنساني وتصبح جميع المسائل العلمية الصعبة والمعقدة واضحة وفي متناول الجميع. يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام تفجّر من أعماق وجوده المقدّس، إمام الحقّ والهدي الّذي حال غاصبوا الخلافة وإلى الآن بين ملايين البشر وبين بلوغهم مراحل الكمال العالية وحرموا الإنسانية من أفضل تمدّن كبير في ظلّ الإيمان بولايته المقدّسة، يقول الإمام (عليه السلام): يا كمَيل؛ ما مِنْ عِلْمٍ اِلاَّ وَاَنا اَفْتَحُهُ وَما مِنْ سِرٍّ إلّا وَالْقائِمُ يخْتِمُهُ(٢٦).
نعم حينما تشرق الأنوار الإلهية على يد الإمام بقية الله في أرضه أرواحنا فداه تتكامل في ظلّ ولايته وحاكميته الدينية التامّة عقول البشر وأفهامهم، البشر الّذي اكتوي بنار الظلم والعذاب، والّذي ارتوي من الحرمان والاضطهاد ويتمكن أن يعتمد على قدرات مدهشة وجبّارة.
آنذاك تتمكن البشرية من استغلال قدرة التعقّل الكاملة - لا نسبة واحد من المليارد - فتتقبّل حينئذ أسرار مذهب الحياة والنور، الساطعة أنواره من أهل الوحي ويبلغون أعلى درجة من العلم والكمال. في ذلك اليوم البهي ذي الجلال والعظمة تظهر الأسرار وتتجلّي الحقائق لجميع الموجودات. وتنطوي وإلى الأبد صفحات الظلام والضلال، وتدفن هي والجبّارون الّذين أوجدوها، والطغاة الّذين دافعوا عنها، والجهلاء والحمقى الّذين برّروا وجودها، واستسلموا لها خانعين. يدفن الكلّ تحت أقدام المؤمنين الغيارى والأحرار أصحاب العزائم الصلبة والبصائر النافذة والقلوب الحية الواعية الّذين ينظوون تحت لواء القائم من آل محمّد عجّل الله تعالى فرجه وفرجنا به. فهل انتظار هكذا يوم لا يبعث الصفاء في قلبك والتحمّس في ضميرك؟!

نتيجة البحث

الانتظار؛ حالة تصنع الأمل وتحقّق الخلاص والنجاة للمنتظرين الّذين عانوا من ظلام الغيبة الدامس، وقاسوا العذاب من أمواج الحيرة والغربة، وتقودهم تلك الحالة إلى وادي النور والصفاء. الانتظار؛ يفيض حياةً جديدةً اُخرى للمضطهدين ويمكنهم من قوّة جديدة وطاقة فعّالة، ويحيي بالرجاء الكبير القلوب الّتي أصابها الذبول واليأس، ويربي في النفوس عالماً متلألأً بالبهجة والسرور والسعادة.
الانتظار؛ يصوغ رجالاً صادقين ويصنع حالات مباركة ويرسم جمالاً يأخذ بالقلوب والعقول معاً. الانتظار؛ يقتلع الموانع ويكتسح الظلمات، ويوجد نوراً مشعّاً في قلوب أهل الكمال.
الانتظار؛ يربي وينمي بذور المعارف والعقائد الإسلامية الأصيلة في قلوب المنتظرين، ويتحف أفضل الناس بأفضل الخصال المعنوية المربية. إذا أردت أن تملك الانتظار وتحافظ عليه قوياً في قلبك، حارّاً في وجدانك فأنس بمقام الولاية العظيم، واكتسب وعياً وعلماً عن آثار الانتظار المدهشة، وتكاملْ بسلوك صراط المنتظرين الواقعيين، أعرف جيداً خصالهم وخصوصياتهم، وأنر قلبك وروحك بضياء زمان ظهور بقية الله الأعظم أرواحنا فداه، وليغطي تمام وجودك شعاع انتظار وصول ذلك اليوم البهي.
«إنّ يوم المحشر يتحدّثون عن هوله العظيم، وصحيح ما يتحدّثون ولكنّه ليس مثل ليل هجرانك وفقدك سيدي يا بن الحسن».
لا شك أنّ للدعاء أثراً مهمّاً في إفاضة هذه الحياة الجديدة، ومن هنا فأنا نذكر القرّاء الكرام بكتاب جامع وثمين بخصوص الأدعية الواردة عن الإمام الحجّة عجّل الله تعالى فرجه وقد طبع الكتاب بإسم «الصحيفة المباركة المهدية» وكذلك المختار منه بإسم «الصحيفة المهدية» تأليف: سماحة السيد مرتضي المجتهدي السيستاني دام عزّه.

الهوامش:

ــــــــــــــــــــــ

(١) الّذين يحيون مراسم الانتظار ويتوسّلون فيها بالإمام ويقيمون مجالس الذّكر هؤلاء كثيرون وهم وللَّه الحمد في تكاثر مستمرّ، ولا نقصد بطبيعة الحال نفي هذه المجالس ولا هؤلاء الناس ولا حالة الانتظار عندهم؛ إذ أنّ الانتظار ذو مراتب، والّذين بلغوا المرحلة النهائية العالية فيه - وإن كانوا قلّة - إلاّ أنّهم من هؤلاء النّاس الّذين يعقدون مجالس الذكر والتوسّل بالإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف وبالتحمّل والصبر والاستقامة في الطريق الّذي انتخبوه لم يركنوا إلى الراحة والهدوء وهم ماضون على ذلك بكلّ يقين وعشق وتصميم.
(٢) صرّحت روايات متعدّدة بالاستفادة من القدرات الخارقة للعادة في زمان الظهور.
(٣) هناك طرق اُخرى تقود الإنسان إلى مسألة الانتظار تجدها مبثوثة في فصول الكتاب المختلفة من قبيل الإخلاص، الاطّلاع على المعارف الإسلامية وغير ذلك.
(٤) بحار الأنوار: ٢٥-١٧٣.
(٥) كمال الدين: ١٤٦ و١٤٧، بحار الأنوار: ٣٦ -٢٥٠.
(٦) راجع الرواية الّتي يرويها أبو بصير في عدم رؤية الناس للإمام الباقر (عليه السلام) وغيبته عنهم ولم يتمكنوا من رؤيته وهو واقف في مدخل مسجد النبي ورآه أبو هارون المكفوف.
(٧) بحار الأنوار: ٥٢-١٣١.
(٨) بحار الأنوار: ٥٢-١٢٢.
(٩) وقد تقدّم منّا أنّ القلّة النادرة هي الّتي تحمل هذه الخصوصيات أمثال المرحوم السيد بحر العلوم والمرحوم الشيخ مرتضى الأنصاري.
(١٠) حياة وشخصية الشيخ الأنصاري: ١٠٦.
(١١) العنكبوت: ٦٩.
(١٢) الفوائد الطوسية المرحوم الشيخ الحرّ العاملي: ٨٢.
(١٣) البقرة: ١٤٨.
(١٤) الغيبة المرحوم الشيخ النعماني: ٣١٤.
(١٥) العبقريّ الحسان: ٢-٦٩.
(١٦) البقرة: ١٤٨.
(١٧) بحار الأنوار: ٥٢-٣٦٨؛ الغيبة الشيخ النعماني: ١٦٨، تفسير العياشي: ١-٦٧.
(١٨) سفينة البحار: ١ -٢٠٢، مادّة حبب.
(١٩) بحار الأنوار: ٥٢-٣٣٦.
(٢٠) أعرف قدراتك الذاتية: ٣٤٧.
(٢١) أعرف قدراتك الذاتية: ٤٤.
(٢٢) إبراهيم: ٤٨.
(٢٣) بحار الأنوار: ٤٧-٣٥٤.
(٢٤) تبقى الروح حية: ١٥٨.
(٢٥) تبقى الروح حية: ١٨٨.
(٢٦) بحار الأنوار: ٧٧ -٢٦٩.

التحميلات التحميلات:
التقييم التقييم:
  ٢ / ١.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016