من رسائل الإمام عليه السلام لشيعته
نحن صنايع ربنا
إعداد: ضرغام جاسم محمد
كانت شهادة الإمام الحسن العسكري عليه السلام قد أخذت حيزاً من الجدال المحتدم في من يخلف الإمام عليه السلام من بعده، ومن هو ولده؟ على أن الإمام عليه السلام لم يترك الأمر هكذا دون أن يوصي بولده والإمام من بعده الإمام الحجة عليه السلام: وامكان بعضهم من مشاهدته والوقوف على معجزاته صلوات الله عليه، الا أن هناك جهداً سياسياً يحاول اثارة الشكوك في ولادة الإمام عليه السلام واستغلال سذاجة البعض في امكانية وجوده إيّان غيبته.
لم يدخر الإمام الحجة عليه السلام جهداً لايضاح ما أشكل على البعض وتأكيده عليه السلام على أن مثل هذه الاثارات لا تتعدى عن فتنٍ تحاول بعض الجهات السياسية اثارتها واستغلالها.
والرسالة التالية نموذجاً حياً لمثل هذه المحاولات التي وصفها الإمام عليه السلام بالفتن ودعا لشيعته أن يعافيهم الله عنها ويجنيهم اياها.
عن أبي عمر والعمري قال تشاجر ابن ابي غانم القزويني وجماعة من الشيعة في الخلف وذكر ابن ابي غانم ان ابي محمد مضى ولا خلف له ثم انهم كتبوا في ذلك كتابا وانفذوه إلى الناحية وأعلموه بما تشاجروا فيه، فورد جواب كتابهم بخطه عليه السلام وعلى آله وآبائه: بسم الله الرحمن الرحيم عافانا الله واياكم من الفتن، ووهب لنا ولكم روح اليقين، واجارنا واياكم من سوء المنقلب، إنه انهي اليّ ارتياب جماعة منكم في الدين، وما دخلهم من الشك والحيرة في ولاة أمـرهم، فغمـنا ذلك لكم لا لنا وساءنا فيكم لا فينا، لان الله معنا فـلا فاقة بنا إلى غيره، والحق معنا فلن يوحشنا من قعد، ونحن صنايع ربنا والخلق بعد صنايعنا: يا هؤلاء: ما لكم في الريب تترددون وفي الحيرة تنعكسون، أوما سمعتم الله عزوجل يقول (يا أيها الذي آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) أوما علمتم ما جائت به الآثار مما يكون يحدث في ائمتكم على الماضين والباقين منهم السلام اوما رأيتم كيف جعل الله لكم معاقل تأوون اليها وأعلاماً تهتدون بها من لدن آدم عليه السلام إلى أن ظهر الماضي، كلما غاب علم بدا علم وإذا أفل نجم طلع نجم، فلما قبضه الله إليه ظننتم أن الله أبطل دينه وقطع بينه وبين خلقه، كلاّما كان ذلك وما يكون حتى تقوم الساعة ويظهر أمر الله وهم كارهون، وإن الماضي مضى عليه السلام سعيداً فقيداً على منهاج آبائه عليهم السلام حذو النعل بالنعل وفينا وصيه وعلمه ومنه خلفه ومن يسد مسده ولا ينازعنا موضعه الا ظالم آثم ولا يدعيه دوننا الا كافر جاحد، ولولا أن أمر الله لا يغلب وسره لا يظهر ولا يعلن لظهر لكم من حقنا ما نبتز منه لقولكم ويزيد شكوككم، ما شاء الله كان ولكل أجل كتاب، فاتقوا الله وسلّموا لنا وردوا الأمر الينا، فعلينا الإصدار كما كان منا الإيراد، ولا تحاولوا كشف ما غطيَ عنكم ولا تميلوا عن اليمين وتعدلوا إلى اليسار، واجعلوا قصدكم إلينا بالمودة على السنة الواضحة فقد نصحت والله شاهد علي وعليكم، ولولا ما عندنا من محبة صاحبكم ورحمتكم والاشفاق عليكم لكنا عن مخاطبتكم في شغل مما قد امتحنا به من منازعة الظالم العتل الضال المتتابع في غيه المضاد لربه المدعي ما ليس له الجاحد حق من افترض الله طاعته الظالم الغاصب وفي إبنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليها لي أسوة حسنة وسيردى الجاهل رداء علمه وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار، عصمنا الله وإياكم من المهالك والاسواء والآفات والعاهات كلها برحمته فانه ولي ذلك والقادر على ما يشاء، وكان لنا ولكم ولياً حافظاً والسلام على جميع الاوصياء والاولياء والمؤمنين ورحمة الله وبركاته وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليماً.