الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٥٩٧) ولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بين الإعلان والكتمان
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٥٩٧) ولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بين الإعلان والكتمان

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: الشيخ أيوب الحائري تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٤/٠٦/٢٩ المشاهدات المشاهدات: ٤١٤٢ التعليقات التعليقات: ٠

ولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بين الإعلان والكتمان

الشيخ أيوب الحائري

قبل وفاة الإمام العسكري (عليه السلام) بخمسة عشر يوماً، كتب الإمام رسائل عديدة لشيعته من أهالي المدائن وسلّم الرسائل إلى خادمه أبي الأديان، وقال (عليه السلام) له: «امض بها [أي الرسائل] إلى المدائن، فإنّك ستغيب خمسة عشر يوماً، وتدخل إلى (سر من رأى) يوم الخامس عشر [أي من سفره] وتسمع الواعية في داري وتجدني على المغتسل».
قال أبو الأديان: فقلت: يا سيدي، فإذا كان ذلك فمن الإمام بعدك؟
قال (عليه السلام): «من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم بعدي، ومن يصلّي عليَّ فهو القائم بعدي»، فقلت زدني؟ فقال (عليه السلام): «من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي».
ثم منعتني هيبة الإمام أنْ أسأله عمّا في الهميان، وخرجت بالكتب [الرسائل] إلى المدائن، وأخذت جواباتها، ودخلت (سر من رأى) يوم الخامس عشر - كما ذكر لي (عليه السلام) - فإذا أنا بالواعية [الصراخ] في داره وإذا به على المغتسل، وإذا بجعفر بن علي أخ الإمام العسكري (عليه السلام) بباب الدار، والشيعة مِن حوله يعزّونه بوفاة الإمام (عليه السلام) ويهنّئونه بالخلافة والإمامة، فقلت - في نفسي -: إنْ يكن هذا الإمام فقد بطلت الإمامة. فتقدمت فعزيت وهنأت، فلم يسألني عن شيء، ثم خرج عقيد [خادم الإمام العسكري (عليه السلام)] فقال: يا سيدي قد كُفّن أخوك، فقم وصلِّ عليه، فتقدم جعفر بن علي ليصلي على أخيه، فلما همّ بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة، بشعره قطط، بأسنانه تفليج، فجذب رداء جعفر بن علي وقال: «تأخّر يا عم، فأنا أحقّ بالصلاة على أبي»، فتأخّر جعفر، وقد أربد وجهه واصفر، فتقدّم الصبي وصلّى عليه، ودفن إلى جانب قبر أبيه الهادي (عليهما السلام)، ثم قال الصبي: «يا بصري، هات جوابات الكتب التي معك»، فدفعتها إليه، وقلت: هذه بيّنتان، بقي الهميان.
بينما نحن جلوس، إذ قدم نفر [جماعة] من قم، فسألوا عن الحسن بن علي (عليه السلام) فعرفوا موته: فقالوا فمن الإمام بعده؟ فأشار الناس إلى جعفر، فسلّموا عليه، وعزّوه، وهنّوه، وقالوا: إنّ معنا كتباً ومالاً، فتقول ممّن الكتب؟ وكم المال؟ فقام جعفر ينفض أثوابه ويقول: تريدون منّا أنْ نعلم الغيب؟!
فخرج الخادم [أي: خادم الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)] فقال: معكم كتب فلان وفلان، وهميان فيه ألف دينار، عشرة دنانير منها مطلية (بالذهب). فدفعوا إليه الكتب والمال، وقالوا: الذي وجّه بك لأخذ ذلك هو الإمام... إلى آخر الحديث).
وترى جعفر يصر على باطله ولا يتنازل عنه، وقد حمل إلى الخليفة المعتمد العباسي عشرين ألف دينار، لمّا توفي الحسن العسكري (عليه السلام) وقال له: يا أمير المؤمنين... تجعل لي مرتبة أخي الحسن ومنزلته!
فقال الخليفة: اعلم أنّ منزلة أخيك لم تكن بنا، إنّما كانت بالله (عزَّ وجلَّ)، ونحن كنا نجتهد في حطّ منزلته والوضع منه، وكان الله (عزَّ وجلَّ) يأبى إلّا أنْ يزيده رفعة، لما كان فيه من الصيانة والعلم والعبادة.
فإنْ كنت عند شيعة أخيك بمنزلته فلا حاجة بك إلينا، وإنْ لم تكن عندهم بمنزلته ولم يكن فيك ما كان في أخيك، لم نُغنِ عنك شيئاً.
نعم تولّى الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بعد وفاة أبيه (عليه السلام) إمامة المسلمين في صغر سنّه وكان عمره آنذاك خمس سنين، وهذه الإمامة المبكرة كانت ظاهرة واقعية في حياة أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، فالإمام الجواد والإمام الهادي (عليهما السلام) تولّيا الإمامة في الثامنة أو التاسعة من عمرهما، وحينئذٍ لم يعد هناك اعتراض فيما يخص الإمامة المبكرة للإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ويكفي دليلاً ومثالاً لظاهرة الإمامة المبكرة قوله تعالى: ﴿يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾، وقوله تعالى: ﴿فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي المَهْدِ صَبِيًّا * قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَني نَبِيًّا﴾، فإنّ الله الذي أعطى يحيى (عليه السلام) الحكم وهو صبي وأعطى النبوة لعيسى (عليه السلام) وهو في المهد صبياً قادراً على إعطاء الإمامة لعدد من أوليائه، ومنهم الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وهو في سن الصبا، وقد تحقّق ذلك فعلاً ولا حاجة لمزيد من الأدلّة لإثبات ذلك بعد ما ذكرنا من الكتاب الكريم من المصاديق المشابهة.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016