البعد الديني والسياسي لدولة الإمام المهدي عليه السلام
الاستاذ ثائر عباس النصراوي/ المدرس في كلية الشيخ الطوسي الجامعة
الدولة بمعنى مجتمع منظم له حكومة مستقلة وشخصية معنوية متميزة عن المجتمعات الأخرى المماثلة والتي تربطه بها العلاقات.(١)
وتقوم الدولة في المجتمع الإسلامي على أساس من القرآن لقوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)(٢) وقد اتفق المفسرون على أن الإطاعة تكون لله واجبة وللرسول كذلك، ولكن اختلفوا في تفسير أولي الأمر فمنهم من يقول بأنهم أهل الحل والعقد ومنهم من يقول بأنهم الأمراء والسلاطين أيّاً كانوا، وغيرها من الأقوال الأخرى. أما الشيعة الإمامية فيقولون بأن أولي الأمر هم المعصومون عليهم السلام من أهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذا ما أكده السيد الطباطبائي في تفسيره.(٣) وهو ما سيتضح عندما نبين الأسس التي تقوم عليها دولة الإمام المهدي عليه السلام.
أما في الفكر الغربي فتوجد عدة نظريات لتفسير معنى الدولة ومنها ما قاله أرسطو (أن الدولة توجد لتوفير حياة طيبة للمواطنين).(٤)
أما هوبز فيقول: (لن تكون هناك حضارة ما لم تعط هذه الحضارة ضمانات تنبع من سلطانها على الحياة والموت).(٥)
ويقول جون لوك: (لابد من أن يقام جهاز عام للحكم حتى نتمتع بحقوق الحياة والحرية)(٦) اما هيجل فيرى: (ان الدولة هي الفكرة الإلهية كما توجد على الأرض، وكل قيمة للإنسان مشتقة من انغماسه في مشاكلها).(٧)
وفي القرن السابع عشر برزت بدايات لنظرية العقد الاجتماعي التي توجها (جان جاك روسو) بكتابه (نظرية العقد الاجتماعي) وتنص على أن السلطة السياسية يجب أن تعبر عن إرادة الشعب.(٨)
أما الدولة الاشتراكية فهي التي يشكلها مجتمع اشتراكي حتى تصل إلى دولة الشعب وهو التعبير الشيـوعي للدولة الاشتراكية بمعنى أن المجتمع قد دخل مرحلة الإدارة الـذاتية العامة بحيث يدير نفسه بنفسه فلا حاجة إلى حكام.(٩)
أمـا الدولة الرأسمالية فإنها إجمالاً تقوم على انتخاب الشعب لها اما بواسطة أعضاء برلمانيين يشكلون مجلساً للنواب بحيث يتكفل هذا المجلس بالسلطة التشريعية بحيث يكلفون رئيس وزراء أو رئيساً للقيـام بالمهام التنفيذية. أو بواسطة الانتخاب المباشر للرئيس أو رئيس الوزراء ـ حسب نظام كل دولة ـ يقوم هذا بالقضايا التنفيذية وفق دستور البلاد أو بواسطة الجمع بين الإثنين وهو انتخاب أعضاء برلمانيين، وانتخاب رئيس للدولة.(١٠)
وهناك تفريق بين الدولة والحكومة، فقد فرق (لاسكي) تفرقة دقيقة بين الدولة والحكومة لأن الدولة هي الجهاز والحكومة هي الأشخاص الذين يحكمون باسم الدولة. فالدولة على ذلك تصور نظري، أما الأشخاص فهم يتغيرون، ولا تختلط الصورتان إلا في المجتمعات البدائية أو الدول الدكتاتورية، حيث يدعي الحاكم المستبد انه الحكومة والدولة.(١١)
فالمجتمع القائم على الدكتاتورية أو الملكية ـ في أغلب الأحيان ـ تكون الدولة أداة قمع في يد الطبقة المستغلة.(١٢)
وتوجد في الدولة أحزاب بعضها خفي، وبعضها علني وبعضها يمارس الحكم فعلاً أما بمفرده أو مع غيره من الأحزاب.(١٣)
وترى أكثر الدول لنفسها الحق في منع الأحزاب أو الاذن لها بالنشاط طبقاً لما ترى الدولة لنفسها من المصالح أو يمثل كل حزب أيديولوجية معينة، أي نظرة خاصة إلى الكون والحياة، ومن هنا يقع التناحر النظري والاجتماعي والمصلحي بين الأحزاب بشكل خفي حيناً وسافر أحياناً.(١٤)
وإذا مارس الحزب الحكم في الدولة وحده فيسمى نظام الحزب الواحد،(١٥) ويطبق الحزب الحاكم نظريته على المجتمع. أما اذا كان الحكم في الدولة مكوناً من عدة أحزاب فيسمى بنظام متعدد الأحزاب.(١٦)
أما الوزارات في الدولة فإنها تدار من قبل مديريات عامة أو مؤسسات يتكفل كل منها الاشراف على المؤسسات والمرافق العامة التي يصعب على الأفراد الاشراف عليها كالسجون والجيش والشرطة والكمارك والبريد والتعدين... الخ، وتزيد الدول الاشتراكية على ذلك الاشراف على كل التجارات والشركات والبنوك وعمليات الاستيراد والتصدير والصناعات الكبيرة وغير ذلك.(١٧)
وهكذا فإننا نجد أن لهذين المفهومين تأصيلاً تأريخياً عميقاً يمتد إلى ما قبل ظهور الحضارات، حيث نلاحظ أن الحفريات والأثار قد أثبتت أن الدين قد رافق الإنسان منذ بدء الخليقة، ويقول الدكتور (سليم حسن) في هذا الصدد (دلت البحوث العلمية البحتة حتى الآن على أن لكل قوم من أقوام العالم عامة مهما كانت ثقافتهم منحطة ديناً يسيرون على هديه ويخضعون لتعاليمه).(١٨) وأما المؤرخ الاغريقي (بلونارك) نحو ٢٠٠ سنة قبل الميلاد فيقول: (من الممكن أن نجد مدناً بلا أسوار ولاملوك ولا ثروة ولا آداب ولا مسارح ولكن لم ير الإنسان قط مدينة بلا معبد أو لا يمارس أهلها العبادة).(١٩)
ونلاحظ أن تجمعاً بمجموعات صغيرة كون مجتمعات صغيرة ثم تطورت إلى قرى ثم تبلورت بعد ذلك إلى مدن وأتلفت هذه المدن لتكون دولة، وقد اختلف نظام الحكم في الدول كما ذكرنا سابقاً كلاً على حسب ظروفه وطبيعته.
أما الربط بين هذين المفهومين أي الدين والدولة ـ فسوف نقتصره على دولة الإمام المهدي عليه السلام النموذج. لأن دولة الإمام قائمة على أساس ديني وهي دولة فطرية إلهية عالمية، وذلك لأن النظام الدولي الذي يسبق ظهور الإمام المهدي عليه السلام قائم على أساس الانحراف والفساد الأخلاقي والعقائدي، وقيامه على المصلحة والأنانية المحضة والتي لا يكون لها وجود في دولته عليه السلام بل يستبدل الحال إلى ملاحظة المصالح العامة الواقعية وتطبيق العدل الكامل والعبادة المحضة لله تعالى، الأمر الذي ينتج تغييراً أساسياً في سير التاريخ البشري. وكذلك فإن النظام الدولي قائم على المادية في فهم الكون، ومبدأ العلمانية في فهم المجتمع، واعطاء زمام قيادة الإنسان بيد الإنسان.(٢٠)
أما في دولة الإمام المهدي عليه السلام فإنها تقيم العدل الكامل على ركائز مؤمنة بالعطاء الإلهي والقدرة والحكمة الإلهيتين، وانها لا تعترف بالتجزئة البشرية للحدود والدول، بل دولة عالمية واحدة برئاسة وقيادة واحدة، يتوصل الإمام عليه السلام إليها عن طريق الفتح العالمي.(٢١)
أما الشكل السياسي لدولة الإمام المهدي عليه السلام فإنه يتضمن ما يلي:
١ ـ ان الرئاسة العليا في الدولة لن تكون ملكية ولا رئاسية ولا دكتاتورية بل ستكون إمامية، لأن الحاكم الأعلى سيكون هو الإمام عليه السلام المنصوب من قبل الله سبحانه وتعالى، وسيمارس هذا المنصب الإمام المهدي عليه السلام بنفسه ما دام موجوداً ويمارسها خلفاؤه من الأولياء الصالحين من بعده.
٢ ـ أن دولة الإمام عليه السلام ستخلو بطبيعة كيانها العقائدي من البرلمان بصفته السلطة التشريعية، حيث أن هذه السلطة ليست للشعب ولا لممثليه بل هي لله عز وجل وحده طبقاً لتشريعه العادل الكامل.
٣ ـ يظهر أن الشكل الإداري للحكم يمارس على الشكل المعهود للناس في زمانهم، أي على الشكل المعهود للناس قبل ظهور الإمام عليه السلام مباشرة من دون إدخال تغييرات كبيرة على الأذهان ـ أي في ذلك الزمان ـ وان شملته اصلاحات بطبيعة الحال.
٤ ـ أما من ناحية الأحزاب في دولة الإمام عليه السلام فهو غير جائز على غرار ما هو حاصل اليوم من انقسام الأحزاب إلى يمينية ويسارية وما إلى ذلك، وقد يستحق الفرد القتل فيما لو تضمن اتجاهه مخالفة صريحة للاطروحة العادلة الكاملة لدولة الإمام عليه السلام ولدين الإسلام.
ولدولة الإمام عليه السلام ملامح عامة تشمل النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية... الخ. وهي(٢٢):
أ ـ العالمية: أن دولة الإمام المهدي عليه السلام في ضوء ما هو ثابت من النص الديني هي دولة عالمية تسقط فيها الحواجز القومية، وتتوحد فيها الملل البشرية، متجاوزة حدود اللغات والاعراق أو التضاريس. وهي دولة الأرض كلها كما يشير إلى ذلك القرآن الكريم بالقول: (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَْرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ).(٢٣)
ويمكن أن نقرأ بهذا الصدد ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله تعالى ذلك اليوم حتى يُبعث رجلٌ مني يواطئ اسمه اسمي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً).(٢٤)
ب ـ الإسلامية: كما تؤكد النصوص اليقينية الصحيحة أن دولة الإمام المهدي عليه السلام هي دولة تقوم على أساس الإسلام، الإسلام الذي جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم وليس ديناً جديداً، ولا هو الإسلام في معناه العام الذي يستوعب كل الديانات التوحيدية والذي يعني التسليم إلى الله تعالى، بل هو إسلام القرآن وحده، وفي هذا الإسلام سوف تدخل جميع البشرية.
جـ ـ الازدهار الاقتصادي: ومن أبرز معالم دولة الإمام المهدي عليه السلام هو الازدهار الاقتصادي، حيث يزول التفاوت الطبقي الفاحش كما يزول الفقر والحرمان، وتعم ظاهرة الثراء والغنى لمختلف شرائح الناس، وربما يمكن تفسير هذه الظاهرة على اساس التقدم التقني، والاستثمار الواسع لثروات الطبيعة، لكن ما يظهر من الروايات الشريفة أن المسألة ترتبط بصلاح الناس وايمانهم الذي يستنزل رحمة الله وعطفه على العباد كما في قوله تعالى (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَْرْضِ)،(٢٥) وجاء عن الإمام علي عليه السلام: (ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها، ولأخرجت الأرض نباتها، ولذهبت الشحناء من قلوب العباد، واصطلحت السباع والبهائم، حتى تمشي المرأة بين العراق إلى الشام لا تضع قدميها إلا على نبات).(٢٦)
د ـ الازدهار الثقافي: قد يبدو الحديث عن الازدهار الثقافي في مستقبل التاريخ البشري حديثاً عن أمر واضح وحقيقة لا تحتاج إلى بيان، لكن النصوص الدينية التي بين أيدينا والتي تعود إلى أكثر من أثني عشر قرناً ماضياً حين تؤكد ذلك فإنها تتحدث عن نهوض علمي، وقفزة ثقافية هائلة لم تكن بالحسبان يومئذ. فجاء عن الإمام الصادق عليه السلام: (العلم سبعة وعشرون حرفاً، فجميع ما جاءت به الرسل حرفان فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين، فإذا قام قائمنا أخرج الخمسة والعشرين حرفاً فبثها في الناس وضم إليها الحرفين حتى يبثها سبعة وعشرين حرفاً).(٢٧)
هـ ـ التقدم العلمي الهائل: في أكثر من نص نقرأ وباشارة واضحة إلى التقدم العلمي الهائل والتقنية المتطورة التي نشهد في عصرنا الحاضر بعض أشكالها. عن الإمام الصادق عليه السلام (أن المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق ليرى أخاه الذي في المغرب وكذا الذي في المشرق يرى أخاه الذي في المغرب).(٢٨) وعن الإمام الباقر عليه السلام: (إذا قام القائم بعث في أقاليم الأرض في كل أقليم رجلاً يقول: عهدك في كفك، فإذا ورد عليك ما لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه، فانظر إلى كفك واعمل بما فيها).(٢٩)
إن هذه النصوص قد تطبق اليوم وبشكل طبيعي على التقنية العالمية في وسائل الاتصال والعلمانية، فالقراءة في الكف ربما تكون قراءة في جهاز محمول بالكف يستبطن جميع الأحكام الشرعية، وكذلك رؤية المؤمن في المشرق لأخيه وهو في المغرب فهذا ما نشهده اليوم عبر أجهزة الاتصال المرئي.(٣٠)
و ـ الديمومة: هناك سؤال لدى عموم الناس كما هو سؤال لدى الباحثين في قوانين علم الاجتماع وتاريخ الأمم، أن دولة الإمام المهدي عليه السلام وهي دولة العدالة المطلقة التي ستحكم البشرية في نهاية التاريخ كم هو عمرها؟ هل تحتل مقطعاً زمنياً قصيراً أم طويلاً ثم تنتهي؟ وإذا انتهت دولة الإمام ماذا بعدها؟ هل تعود دول الاستبداد؟ أم ماذا؟
والجواب يكون أن سنن الطبيعة ـ كما يقول ابن خلدون ـ لا تقبل ذلك، فكل دولة من الدول وكل حضارة من الحضارات تبدأ من مرحلة الطفولة ثم مرحلة المراهقة ثم مرحلة الشيخوخة ثم تنتهي وهو ما لا يستغرق أكثر من عمر جيلين لا أكثر،(٣١) فهل هكذا ستكون دولة العدالة العالمية؟ النصوص الدينية في هذا الموضوع جاءت متعددة ومختلفة، فبينما يؤكد بعضها أن حكم الإمام المهدي عليه السلام سوف لا يستغرق أكثر من سبع سنين، وتقول روايات أخرى انه سيستمر أربعين سنة، فيما تقول روايات ثالثة أنه سيستمر سبعين سنة، فيما تقول طائفة رابعة من الروايات انه سيدوم تسع عشرة سنة لا أكثر. فيما يقول قسم خامس من الروايات انه سيدوم ثلاثمائة وتسع سنين، اذن ما هو الموقف تجاه هذا الاختلاف في نصوص الروايات؟ ان الموقف الذي يمكن اختياره واعتماده في الجمع بين هذه النصوص هو أن تلك الطوائف من الروايات تتحدث عن عمر حكومة الإمام المهدي عليه السلام والتي هي بالتأكيد فترة محدودة سبع أو تسع عشرة، أو أربعون، أو ثلاثمائة وتسع، وهذه الأرقام جميعاً قد تذكر في الاستعمال العربي ليس على أساس التحديد وإنما على أساس الاشارة إلى امتداد الفترة الزمنية.(٣٢)
لكن من المؤكد أن عمر دولة الإمام المهدي عليه السلام أطول من عمر الإمام نفسه، وهو عمر يمتد إلى نهاية عمر البشرية ومن خلال أئمة هدى صالحين مهديين واحداً بعد واحد. وفي هذا المضمون جاء عن الإمام الصادق عليه السلام حين سأله الراوي عن مدة مكث الإمام المهدي عليه السلام في مسجد السهلة (قلت: جعلت فداك لا يزال القائم فيه أبداً؟ قال: نعم. قلت: فمن بعده؟ قال: من بعده مهدي بعد مهدي إلى انقضاء الخلق).(٣٣)
ز ـ حكومة العدالة: العدالة هي عنوان الدولة التي يؤسسها الإمام المهدي عليه السلام وهذا العنوان لا يعني مجرد شعار ترفعه هذه الدولة بمقدار ما يعني مدلولاً سياسياً وايديولوجياً يرتبط بهدف النظام الحاكم ومناهجه وأولوياته. وجاءت روايات عديدة حول هذا الموضوع ومنها:
عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً مني يواطئ اسمه اسمي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً.(٣٤)
ح: دولة الأمان: هذه ظاهرة يجب التركيز عليها، حيث لا تكفي العدالة وحدها لتحقيق الصورة المثالية لمجتمع صاحب العصر والزمان عليه السلام.
ويبدو أن دولة الإمام المهدي عليه السلام لا تخلو من مشاكل ونزاعات في داخل المجتمع، ومن هنا كان هناك ـ كما جاء في الثابت من الروايات ـ موقع كبير للقضاء والمحاكم، إلا أن (الأمان) هو الظاهرة البارزة في تلك الدولة. ومن الروايات ما سبق ذكره عن الإمام علي عليه السلام .
وعلى هذا فدولة الإمام عليه السلام ترفض العنصرية، ونتيجة لذلك فإنها تصل إلى كل البشرية على حد سواء ومما لا شك فيه أن المتتبع لأخبار دولة الإمام عليه السلام سوف تتضح الصورة لديه بانكشاف وجهات القصور والنقص والظلم وزيف الدعوات والمبادئ التي تسبق ظهور الإمام عليه السلام ومخالفتها للمصالح العامة لعدم صدق أهدافها على جميع الأصعدة، وستنكشف له مضامين التيارات التي يدعي بها الغرب بين الحين والآخر كالعولمة مثلاً كما انكشفت لهم الشيوعية وشعاراتها الزائفة.
وهكذا اتضحت الصلة بين مفهوم الدين والدولة في دولة الإمام المهدي بحيث أن دولة الإمام المهدي عليه السلام هي دولة دينية صرفة، وبهذا المعنى هناك مجموعة توصيات يجب اتباعها لتوصلنا إلى فهم قضية الإمام المهدي عليه السلام وهي:
١ ـ الاستفادة من التقنيات العصرية واستخدامها لصالح نشر قضية الإمام المهدي عليه السلام ، من خلال التعريف به عليه السلام وبدولته... الخ من الأمور.
٢ ـ مطالبة الجهات الرسمية بالاهتمام الاعلامي بهذه القضية لنشرها والتنبيه إليها وانشاء المعاهد والمؤسسات التي تُدرس وتبحث في قضية الإمام المهدي عليه السلام بحيث تكون هناك دراسات متخصصة في هذا المجال.
٣ ـ بيان مفاسد الأنظمة العالمية التي تتحكم بالعالم، بحيث جعل نظام دولة الإمام عليه السلام هو المثال الذي نرومه ونطلبه.
٤ ـ الترويج لسياسة دولة الإمام المهدي عليه السلام والتي تدعو إلى العدالة الاجتماعية والسياسية فضلاً عن بيان النظم الأخرى المتبعة في دولته عليه السلام وبيان الرفاه الذي سوف يصيب المجتمع في دولته عليه السلام.
٥ ـ على المبلغين والخطباء واجب كبير وعظيم في نفس الوقت وهو الاهتمام بقضية الإمام المهدي عليه السلام ، وذلك من خلال محاولة رفع المستوى الفكري للناس وتوعيتهم لهذه القضية والانتظار الايجابي لفرج ظهوره عليه السلام ، وذلك بالدعوة إلى التمسك بالدين وتعليماته الصحيحة. وبهذا تتوفر الأرضية المناسبة لظهوره عليه السلام وتهيئة القيادات التي بإمكانها حمل مسؤولية الدولة المنتظرة.
الهوامش
(١) الموسوعة السياسية ـ كامل الزهيري ص ٢١٥.
(٢) النساء/ ٥٩.
(٣) الميزان في تفسير القرآن ـ محمد حسين الطباطبائي ج ٤ ص ٣٩٥ فما فوق.
(٤) الموسوعة السياسية ص ٢١٦.
(٥) المصدر نفسه ص ٢١٦.
(٦) المصدر نفسه ص ٢١٦.
(٧) المصدر نفسه ص ٢١٦.
(٨) ينظر ـ نظرية العقد الاجتماعي ـ جان جاك روسو.
(٩) مدخل إلى العلوم السياسية ـ ابدوريا ـ ترجمة ـ نوري محمد حسين ص ٥٠ فما بعدها.
(١٠) ينظر ـ مدخل إلى العلوم السياسية ـ ص ٧٠ فما بعدها، الموسوعة السياسية ص ٨٩ ـ ٩٠.
(١١) الموسوعة السياسية ص ٢١٥.
(١٢) المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفة ص ٣٥٣.
(١٣) المصدر نفسه ص ٣٥٣.
(١٤) المصدر نفسه ص ٣٥٣.
(١٥) الموسوعة السياسية ص ١٩٥.
(١٦) المصدر نفسه ص ١٩٥.
(١٧) تاريخ ما بعد الظهور ـ محمد صادق الصدر ـ ص ٤٦١ ـ ٤٦٢.
(١٨) التكامل في الإسلام ـ احمد امين النجفي ـ ج ٤ ص ٣.
(١٩) المصدر نفسه ج ٤ ص ٤.
(٢٠) تاريخ ما بعد الظهور ص ٤٦٠.
(٢١) المصدر نفسه ص ٤٦٠.
(٢٢) ينظر ـ معالم دولة الإمام المهدي عليه السلام ـ صدر الدين القبانجي ـ مجلة الانتظار ـ عدد ١٠ ـ رجب ١٤٢٨ هـ ـ ص ١٢ ـ ١٩.
(٢٣) الانبياء / ١٠٥.
(٢٤) كتاب الغيبة ـ ابي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ـ ص ١٨١ ـ ١٨٢.
(٢٥) الأعراف: ٩٦.
(٢٦) بحار الأنوار ـ محمد باقر المجلسي ـ ج ٥٢ ص ٢٨٠.
(٢٧) المصدر نفسه ج ٥٢ ص ٣٣٦.
(٢٨) المصدر نفسه ج ٥٢ ص ٣٩١.
(٢٩) المصدر نفسه ج ٥٢ ص ٣٦٥.
(٣٠) معالم دولة الإمام المهدي عليه السلام ـ صدر الدين القبانجي ـ مجلة الانتظار ـ ص ١٦.
(٣١) المقدمة ـ عبد الرحمن بن خلدون.
(٣٢) معالم دولة الإمام المهدي عليه السلام ـ صدر الدين القبانجي ـ ص ١٧.
(٣٣) بحار الأنوار ـ ج ٥٢ ـ ص ٣٨١.
(٣٤) كتاب الغيبة ـ الطوسي ـ ص ٧٥.