الفهرس
لتصفح الصحيفة ب Flsh

لتحميل الصحيفة ك Pdf

الصفحة الرئيسية » العدد: ٧٢/ جمادى الآخرة/ ١٤٣٦هـ » عقيدة المخلّص في التراث الإنساني/ الحلقة الثامنة
العدد: ٧٢/ جمادى الآخرة/ ١٤٣٦ه

المقالات عقيدة المخلّص في التراث الإنساني/ الحلقة الثامنة

القسم القسم: العدد: ٧٢/ جمادى الآخرة/ ١٤٣٦هـ الشخص الكاتب: الاسعد بن علي قيدارة التاريخ التاريخ: ٢٠١٥/٠٣/٢٥ المشاهدات المشاهدات: ٤٥٩٨ التعليقات التعليقات: ٠

عقيدة المخلّص في التراث الإنساني/ الحلقة الثامنة

الأسعد بن علي قيدارة

النظرية الثالثة: الماركسية واليوم الموعود
تتميّز الرؤية الماركسية بصفات نظرية بوّأتها مكانة بارزة في تاريخ المذاهب الفكرية، ومن عناصر القوّة في هذه المدرسة؛ الشمولية في تفسيرها الطبيعة والتاريخ على أساس المادّية الجدلية في المستوى الأوّل، والمادية التاريخية في المستوى الثاني، والعنصر الثاني من عناصر القوّة؛ التبشير بمستقبل رغيد للبشرية عموماً والطبقة الكادحة خصوصاً.
لقد نظرت هذه المدرسة إلى التاريخ نظرة متفائلة، إذ رأته يتحرّك متصاعداً في اتجاه تكاملي ليبلغ مداه مع مرحلة نهائية تزول فيها كلّ عوامل الاستغلال وأشكاله، وهذا الانتقال يتمّ عبر خمس مراحل أساسية:
- مرحلة المشاعية البدائية.
- مرحلة الرق.
- مرحلة الإقطاع.
- مرحلة الرأسمالية.
- مرحلة دكتاتورية البروليتارية التي تمهّد لعهد الشيوعية.
هذا الانتقال تحكمه حتمية تاريخية كانعكاس للتطوّر الحاصل في علاقات الإنتاج المنبثق عن التطوّر في وسائل الإنتاج.
وفي الطور الأعلى الذي تبشّر به الماركسية والذي تسير إليه البشرية قهراًحسب تحليلها، يتساوى الناس جميعاً في المستوى الاقتصادي وتزول الطبقية؛ بل تزول الملكية الخاصّة وتزول الدولة؛ لأنّها مظهر من مظاهر التسلّط والقهر الطبقي في المجتمع.
ولن نقف طويلاً لمناقشة هذه النظرية؛ لأنّ الحديث حول ذلك يطول ويبعدنا عن غرضنا الأصلي من هذا البحث المحدود؛ ولأنّ هذه النظرية قد فُنّدت بشكل تفصيلي في جميع أركانها، بإبطال الأساس المادّي في تفسير الطبيعة وتطبيقاتها على المجتمع والتاريخ، ومن أراد فليراجع المصادر المتخصّصة.
ومن جهة أخرى لقد كشف الفشل الذريع على مستوى الواقع العملي للماركسية زيف ادعائها وأباطيلها، خاصّة بعد التحوّلات التي شهدها المعسكر الشرقي في العقدين الأخيرين.
لقد كشف سقوط المعسكر الشرقي وانحلاله، وتفكّك الاتحاد السوفيتي أنّ جحيماً كانت تحترق فيه جموع الجماهير وراء ستار حديدي أحمر، وأنّ لا جنّة على الأرض كما يدّعون، وأنّ الاشتراكية ومن ورائها الشيوعية أكذوبة كبرى لا تحمل للناس الأمل في الخلاص.
النظرية الرابعة: فوكوياما ونهاية التاريخ:
من عجائب هذا العصر أن يطلع علينا في نهاية القرن العشرين، وبعد حرب الخليج الثانية، وانفراد الولايات المتحدة بالهيمنة على العالم، (فرنسيس فوكوياما) مبشّراً بل مدّعياً (نهاية التاريخ)،وأنّ الليبرالية الرأسمالية أرقى مراحل التاريخ البشري.
نعم هذه الليبرالية الرأسمالية التي طالما استعبدت الشعوب وامتصّت دماءها ومقدّراتها وحطّمت آمالها في الرقي والتقدّم، ها هي تبعث نبيها، بل مسيلمتها الكذّاب يبشّر بالخلاص على يد الليبرالية الرأسمالية!.
يلبس فوكوياما مسوح الرهبان ويطلع علينا مشفقاً بالقول: ...أنّي ارتضيت لكم الديمقراطية الليبرالية سبيلاً؛ لأنّها قدركم الذي لامفرّ منه، لأنّها الأيدلوجية التي استمرّت إلى نهاية القرن العشرين، ولا وجود لأية أيدلوجية قادرة على منافستها... يقول فوكوياما: -ليست المحاولة الليبرالية هي التي تبدو منتصرة، بقدر ماهي الفكرة الليبرالية أي أنّه بالنسبة لقسم كبير جدّاً من العالم ليست هنا كأيدلوجية تدّعي الشمولية حالياً تكون في موقع يمكنها من منافسة الديمقراطية الليبرالية-.
ويسوغ فوكوياما تلويحه بنهاية التاريخ بأنّه مادمنا اكتشفنا أنّ التاريخ لايختزن داخله قابليات للتطوّر الخطي والتقدّم إلى الأمام، فإنّ الأيدلوجية السائدة حينئذٍ هي التي تصنع الإنسان الأخير، -فالتاريخ لم يكن تلاحقاً أعمى للأحداث؛ بل كان ذا دلالة تتطوّر فيه الأفكار الإنسانية المتعلّقة بطبيعة النظام السياسي والاجتماعي وتزدهر، وإذا بلغنا الآن نقطة لانستطيع منها أن نتصوّر عالماً مختلفاً جوهرياً عن عالمنا، حيث لاوجود لأي مؤشّر يدلّنا على إمكانية التحسّن الإنساني لنظامنا، فإن ّهي توجّب علينا إذ ذاك أن نأخذ بالاعتبار أن يصبح التاريخ ذاته عند نهايته-.
وفي معرض نقده للإسلام يقرّ فوكوياما بأنّ هذا الأخير يمتلك أيدلوجية متماسكة، وأنّه استطاع أن يهزم الليبرالية في أجزاء متعدّدة من العالم الإسلامي، -إلا أنّ هذا الدين - حسب زعمه - لايملك، وإنّه عارٍ من أية جاذبية خارج الأصقاع التي كانت إسلامية ثقافياً منذ بدايتها فقد ولّى زمن الغزو الثقافي الإسلامي كما يبدو-.
ولكن بأدنى تأمّل تُدفع هذه الأباطيل المزيفة، فمتى كانت الديمقراطية الليبرالية مطيّة خلاص وسفينة نجاة للبشرية؟! ها هو تاريخها يشهد عليها، مايزال الاستعمار الغربي بمآسيه شاخصاً في ذاكرة الشعوب، ومايزال عصرنا شاهداً على عنجهية الليبرالية وعنصريتها، إنّ بشارة فوكوياما قد تنطلي على الرجل الأبيض الذي كان ومايزال يعيش عقدة النرجسية والمركزية، عقدة حجبت عنه رؤية الآخرين وحضاراتهم، وأحلامهم، وهمومهم، وفوكوياما _على الرغم من جذوره الصفراء_ يسقط في حبائل هذه العقدة في جزم بنهاية التاريخ والإنسان الأخير، وهذا ماجعله قاصراً أن يتصوّر نظاماً أفضل، ويتوقّع صورة أحسن للعالم وللعلاقات والنظم، لقد حالَ استغراقه الكهنوتي في تمجيد صنمه الخالد (الديمقراطية الغربية) أن يمتدّ ببصره إلى الآفاق الرحبة للمستقبل الإنساني الذي لن يتجمّد البتة في متاهات الليبرالية.
ومنجهة ثانية إنّ فوكوياما كثيراً مايخلط بين واقع المسلمين القاصر عن تقديم الإسلام للعالم بالشكل الملائم، وبين قدرات الإسلام وما يختزنه من مقومات فكرية وحضارية، في حكم على الثاني بالعجز، ولكن العجز في المسلمين وأساليبهم، لا في الإسلام، فهو قادر على مقارعة الليبرالية في أية زاوية فكرياً وحضارياً بما يمتلكه من عناصر فعاّلة وأساسية لقيادة الإنسان والمجتمع الإنساني نحو الخلاص الواقعي والسعادة الواقعية، لكن المشكلة تكمن في قصور العاملين والمبلّغين والمؤسّسات الإسلامية التي تعاني من عقم فادح في إيصال صوت الإسلام وصورته النقية إلى كلّ البشر؛ لأنّها لاتزال حبيسة آليات ووسائل بعيدة عن مقتضيات العصر ومتطلّباته، ولم تستفد كما ينبغي من التطوّر الرهيب لوسائل الاتصال في هذا الاتجاه إضافة إلى ما ابتلي به الإسلام من جماعات تكفيرية وعصابات إجرامية تمارس حماقات بعيدة عن جوهر الدين ساهمت في تنفير الرأي العام الغربي.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
التعليقات
لا توجد تعليقات

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *
التحقق اليدوي: *
إعادة التحميل
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم

ما ينشر في صحيفة صدى المهدي عليه السلام لا يعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة بل هي آثار الكتّاب والأدباء