الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
مهما يقال من تحليلات أو توصيفات عن قرب الظهور أو عدم قربه فهي لا تخرج عن دائرة الاحتمال والظن، لا سيما إذا علمنا أن أكثر ما يقال في ذلك إما أن يعتمد الحدس والتخمين أو يكون مدفوعاً بملاكات الحماسة والعاطفة التي تتملك قلوب الكثير من المنتظرين والمؤمنين، فيستغرق الكثير منهم في محاولة تطبيق الروايات على الأحداث أو اسقاطها عليها، وفي كل الأحوال تبقى تلك الأفكار والرؤى في أحسن أحوالها في دائرة الاحتمال والفرضيات، لعدم قيام الدليل والبرهان عليها، خصوصاً أن المشروع المهدوي وتوقيته يكتنفه الغيب ويحيطه الكتمان من جميع جهاته، وعلى حد قول الإمام العسكري (عليه السلام): هذا أمر من أمر الله وسر من سر الله، وغيب من غيب الله. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٣٨٥]
ولا نقصد من ذلك بطبيعة الحال أن يستشعر أحدنا الاحباط أو يتسرب لنا اليأس، فإن الله تعالى إذا أذن بظهور الإمام (عجّل الله فرجه) لم تشكل تلك الأحداث أو تلكم الظروف مهما تعقدت واستحكمت مانعاً أو حاجزاً للمشيئة الالهية في أن تأخذ قرارها وحكمها فيما يريده تعالى، ولذا روى عبد الله بن بكير عن الإمام الكاظم (عليه السلام) في سياق حديثه عن الدولة المهدوية قوله: إن الله إذا أراد أمرا قلل الكثير وكثر القليل.[ تفسير العياشي لمحمد بن مسعود العياشي: ج١، ص١٨٣]، وهذا المعنى أكد عليه الأئمة (عليهم السلام) في كثير من الأحيان لأصحابهم محذرين لهم أن يعتمدوا في تعاطيهم مع يوم الخلاص المهدوي على ضوء تطورات الأحداث أو مجرياتها المعهودة، فقد سأل أبو عبيدة الحذاء الإمام الباقر (عليه السلام) متى يكون هذا الأمر؟ فقال (عليه السلام): إن كنتم تؤملون أن يجيئكم من وجه، ثم جاءكم من وجه فلا تنكرونه. [الإمامة والتبصرة لابن بابويه القمي: ص٩٤]
ومن هنا نجد أن وصيتهم (عليهم السلام) لشيعتهم أن يعيشوا دوماً الأمل والترقب الدائم لظهوره (عجّل الله فرجه) وفي أي لحظة من اللحظات، فقد جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام): أقرب ما يكون العباد من الله (جل ذكره) وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجة الله (عزَّ وجل) ولم يظهر لهم ولم يعلموا مكانه، وهم في ذلك يعلمون أنه لم تبطل حجة الله (جل ذكره) ولا ميثاقه، فعندها فتوقعوا الفرج صباحاً ومساءً.[ الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص٣٣٣]، واذا آمنا بذلك واعتقدناه في دخيلة أنفسنا وأن الأمر لله تعالى من قبل ومن بعد وبيده أن يقدم أو أن يؤخر ما يشاء سنؤمن تبعاً لذلك مطمئنين بما جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام): كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإن موسى بن عمران (عليه السلام) خرج ليقتبس لأهله ناراً فرجع إليهم وهو رسول نبي، فأصلح الله تبارك وتعالى أمر عبده ونبيه موسى في ليلة، وكذا يفعل الله تعالى بالقائم الثاني عشر من الأئمة (عليهم السلام) يصلح الله أمره في ليلة كما أصلح الله أمر موسى (عليه السلام)، ويخرجه من الحيرة والغيبة إلى نور الفرج والظهور. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج١٣، ص٤٢]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)