الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
يوصف الدين أو الشريعة بالحياة أو الموت بلحاظين مختلفين، وكلا المعنيين يصح التعبير بهما إذا حفظنا جهة الاعتبار واللحاظ، فالدين الاسلامي حينما نعبّر عنه بأنه حي لا يموت إنما بلحاظ ما يمثله من حقائق ووقائع لا تقبل النقض أو الدحض، كبقية النظريات والأفكار التي قد تكون في وقت ما رائجة ومقبولة عند الناس، ثم يأتي عليها وقت آخر يتضح زيفها وفسادها كما قد نجد ذلك في نظرية بطلميوس الفلكية التي استمرت آلاف السنين يعتقدها الناس ويتوهمون أن لها حصة من التحقق والمصداقية، ثم انكشف بطلانها وعدم واقعيتها، وأصبحت حديث خرافة، فالدين بهذا المعنى وبما يمثله من الإرادة التشريعية لله تعالى هو حي لا يموت أبداً.
وتارة نلحظ الدين والشريعة لا من جهة الذات والجوهر، بل من جهة فاعليتها في المجتمع وتأثيرها في الناس، وهنا يصح توصيف الدين أو الشريعة بالموت أو الحياة، وهو توصيف في واقعه يرجع إلى التطبيق أو عدم التطبيق من قبل الناس.
فإحياء الدين نشره بين الناس والعمل به وموت الدين هو عكس ذلك، ولذا روى الشيخ الصدوق (رحمه الله) عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول: رحم الله عبدا أحيى أمرنا، فقلت له: وكيف يحيى أمركم؟ قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس. [عيون أخبار الرضا (عليه السلام) للشيخ الصدوق: ج١، ص٢٧٥]
وورد عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): من أحيى سنة من سنني فعمل بها الناس كان له مثل أجر من عمل بها لا ينقص
من أجورهم شيئاً. [موسوعة الإمام الهادي (عليه السلام): ص٣٧٤]
وبهذه المعاني المتقدمة وردت عدة روايات وأحاديث تصف الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بأنه المحيي للدين والشريعة، فقد جاء في خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة وصفاً للإمام القائم (عجّل الله فرجه): إلّا وفي غد وسيأتي غد بما لا تعرفون، يأخذ الوالي من غيرها عمالها على مساوي أعمالها، وتخرج له الأرض أفاليذ كبدها، وتلقي إليه سلما مقاليدها، فيريكم كيف عدل السيرة، ويحيي ميت الكتاب والسنة. [نهج البلاغة: خطبة ص١٣٨]
وجاء كذلك في الدعاء المعروف الذي يقرأ في زمن الغيبة الذي أوله (اللهم عرفني نفسك) المروي عن السفير الثاني محمد بن عثمان (رحمه الله): اللهم وأحي بوليك القرآن، وأرنا نوره سرمدا لا ظلمة فيه، وأحي به القلوب الميتة، واشف به الصدور الوغرة، واجمع به الأهواء المختلفة على الحق، وأقم به الحدود المعطلة، والأحكام المهملة. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٥١٥]
وجاء كذلك في دعاء الندبة أيضاً: أين محيي معالم الدين وأهله، أين قاصم شوكة المعتدين، أين هادم أبنية الشرك والنفاق.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)