الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
للفظ الأبدال إطلاقات ثلاثة وردت في الروايات الشـريفة، خلاصتها التالي:
الإطلاق الأوَّل: الأئمَّة (عليهم السلام):
يُطلَق الأبدال على الأئمَّة (عليهم السلام)، كما ورد هذا المعنى عن خالد بن الهيثم الفارسي [ورد في هامش المصدر أنَّه مجهول]، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): إنَّ الناس يزعمون أنَّ في الأرض أبدالاً، فمن هؤلاء الأبدال؟ قال: صدقوا، الأبدال هم: الأوصياء، جعلهم الله في الأرض بدل الأنبياء إذا رُفِعَ الأنبياء وخُتِمَ بمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلم). [الاحتجاج للشيخ الطبرسي: ٢: ٢٣١]
الإطلاق الثاني: أصحاب الإمام المهدي (عجّل الله فرجه):
وهنا نجد نوعين من الأبدال:
أوَّلاً: أبدال الغيبة الكبرى: وهم مجموعة من الشيعة المخلصين يرافقون الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في غيبته الكبرى، كلَّما مات واحد منهم أبدله الله تعالى بآخر، وهؤلاء سيردّون الوحشة عن الإمام في غيبته.
فقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): لا بدَّ لصاحب هذا الأمر من عزلة، ولا بدَّ في عزلته من قوَّة، وما بثلاثين من وحشة، ونعم المنزل طيبة. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص١٦٢، ح١٢١]
وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال: لا بدَّ لصاحب هذا الأمر من غيبة، ولا بدَّ له في غيبته من عزلة، ونعم المنزل طيبة، وما بثلاثين من وحشة. [الغيبة للنعماني: ص١٩٤، ب١٠، ف٤، ح٤١]
وروى أحمد بن حنبل في مسنده، عن عبادة بن الصامت، عن النبيِّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)، قال: الأبدال في هذه الأُمَّة ثلاثون، مثل إبراهيم خليل الرحمن (عزّ وجل)، كلَّما مات رجل أبدل الله تبارك وتعالى مكانه رجلاً. [مسند أحمد بن حنبل: ٥: ٣٢٢]
ملاحظة: على المؤمن أن لا يتوقَّف عن طلب أن يكون من أنصار الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ومن الأبدال أُولئك، فعلى كلِّ واحدٍ أن يعمل على أن يكون منهم، بعمله، وليتذكَّر أنَّه بعين إمامه، رغم كونه في مكانه النائي عنّا حسب الذي أراه الله تعالى له من الصلاح.
ثانياً: أبدال الظهور:
ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف عدَّة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصـر، والأبدال من أهل الشام، والأخيار من أهل العراق، فيقيم ما شاء الله أن يقيم. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص٤٧٦ و٤٧٧، ح٥٠٢]
هؤلاء الأبدال قد يكونون نفس أبدال الغيبة، ولكن تحديد مكانهم بالشام يُبعِّد هذا الاحتمال، لأنَّ أبدال الغيبة أعمّ كما هو واضح. والأوضح من ذلك أنَّ هؤلاء الأبدال سينصـرون الإمام (عجّل الله فرجه) بعد خروجه، وأبدال الغيبة الكبرى هم مرافقوه أثناء غيبته، وقد يبقى منهم من ينصره إبّان ظهوره.
الإطلاق الثالث: يوم الأبدال:
ما هو يوم الأبدال؟
هناك يوم سمَّته الروايات الشـريفة بـ (يوم الأبدال)، وسُمّي بذلك لأنَّه سيحدث يومذاك انقلاب البعض على عقبيه فيترك الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ويلتحق بالسفياني، وفي نفس الوقت تُدرك الهداية والرحمة بعضاً ممَّن هو في صفِّ السفياني فيتركه وينتقل إلى معسكر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) في رواية طويلة: ... ثمّ يأتي - أي الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) - الكوفة...، إلى أن يقول: حتَّى يأتي العذراء - أو البيداء في نسخة أُخرى - هو ومن معه، وقد لحق به ناس كثير، والسفياني يومئذٍ بوادي الرملة حتَّى إذا التقوا، وهو يوم الأبدال يخرج أُناس كانوا مع السفياني من شيعة آل محمّد (عليهم السلام)، ويخرج أُناس كانوا مع آل محمّد (عليهم السلام) إلى السفياني، فهم من شيعته حتَّى يلحقوا بهم، ويخرج كلُّ ناس إلى رايتهم، وهو يوم الأبدال [تفسير العياشي لمحمد بن مسعود العياشي: ١: ٦٦/ ح ١١٧].
ملاحظات:
الأُولى: يمكن قراءة (الأبدال) بفتح الهمزة، ويكون المعنى أنَّه يوم أُولئك الذين سيتركون المهدي ويلتحقون بالسفياني والذين سيُبدَلون بآخرين يتركون السفياني ويلتحقون بالمهدي (عجّل الله فرجه)، فيرجع كلُّ واحد منهم إلى أصله. أي إنَّه سيكون وصفاً للأفراد الذين سينتقلون من الجانبين.
ويمكن قراءته بكسـر الألف (الإبدال)، فيكون المعنى أنَّ ذلك اليوم هو يوم الاستبدال والتبديل. فهو وصف لليوم الذي سيحدث فيه ذلك التبديل.
والنتيجة واحدة على كلِّ حالٍ.
الثانية: ما هو سبب تواجد مجموعة من الشيعة في ركب السفياني؟
الجواب: لعلَّ ذلك بسبب مكر السفياني وخداعه ودهائه، بحيث يوحي لهم بتصـرّفاته أنَّه عادل فيهم لا يجوز، وهو مضمون ما ورد في خطبة البيان: ثم يغلبهم السفياني فيقتل منهم خلق كثير ويملك بطونهم ويعدل فيهم حتَّى يقال فيه: والله ما كان يقال عليه إلَّا كذباً... . [إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب للشيخ علي اليزدي الحائري: ٢: ١٧٢]
وهذا السبب لو صحَّ فإنَّه سيُمثِّل واحداً من الابتلاءات التي ستمرُّ على الناس قبيل الظهور المقدَّس.
ولعلَّه بسبب الخوف الذي يملأ القلوب من وحشية السفياني وقسوته، بحيث إنَّه لا يتورَّع حتَّى عن قتل الأطفال الصغار، وهذا أوضح من أن يُذكر له شاهد، وهو الأقرب إلى الصواب، لأنَّ السبب الأوَّل مرويٌّ في رواية ضعيفة السند، فلا نطمئنُّ بالركون لها ولمضمونها.
ولعلَّه لأجل أنَّ الحقيقة لم تكن قد اتَّضحت عند البعض، وتتَّضح لهم في الساعة الأخيرة، وليس بالضـرورة أنَّهم كانوا من شيعة آل أبي سفيان من بداية الأمر، وإن كانوا في علم الله تعالى كذلك.
الثالثة: على المرء أن يلتزم بمبادئ الإسلام، ويدعو الله تعالى دائماً بحسن العاقبة.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)