الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
تعوّدنا بعد حصول بعض الحوادث الملفتة أن يحاول البعض تطبيق الحادث على رواية من روايات الظهور، من دون تدقيق في أسانيدها، ولا في متونها، ولا حتى في تطبيقها بصورة صحيحة، ومن ذلك ما حصل مأسوفاً عليه من حادث التدافع في منى يوم عيد الأضحى (عام ١٤٣٩هـ)، وقد حاول البعض جعل هذا الحادث منطبقاً على الرواية التالية:
في الملاحم والفتن للسيد ابن طاووس: ص١٣٤، عن أبي يوسف المقدسي، حدثني محمد بن عبيد الله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو، قال: يحج الناس معاً ويعرّفون معاً على غير إمام، فبينا هم نزول بمنى إذ أخذهم كالكلب، فثارت القبائل بعضهم إلى بعض (فاقتتلوا [هذه الكلمة موجودة في بعض النسخ]) حتى تسيل العقبة دما فيفزعون إلى خيرهم، فيأتونه وهو ملصق وجهه إلى الكعبة يبكي كأني أنظر إلى دموعه تسيل، فيقول: هلم وليناك، فيقول: ويحكم كم من عهد قد نقضتموه وكم من دم قد سفكتموه، فيبايع كرهاً، فإن أدركتموه فبايعوه، فإنه المهدي في الأرض والمهدي في السماء.
والذي يمكن قوله فيها هو التالي:
أولاً: الرواية ضعيفة السند، فإنها لم ترو بطريق صحيح عن النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، بل هي عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
فما فعله البعض من نسبتها إلى الإمام الصادق (عليه السلام) في غير محله أكيداً.
ثانياً: ظاهر الرواية أن هذا الحادث هو عبارة عن اقتتال بين القبائل.
والذي حصل في منى هو تدافع، فلم يحصل أي اقتتال، فلا يمكن انطباق الرواية على هذا الحادث.
ثالثاً: الرواية تقول: إنه بعد هذا الحادث يفزعون إلى المهدي (عليه السلام) وهو يبكي عند أستار الكعبة، ويدعونه إلى الظهور والمبايعة.
وهذا خلاف المعروف بيننا من أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو من سيقوم بحركته في الكعبة في العاشر من المحرم، وهو الذي يدعو الناس إلى نفسه في الرواية المعروفة (...والله لكأني أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر فينشد الله حقه، ثم يقول: يا أيها الناس، من يحاجني في الله فأنا أولى الناس بالله. أيها الناس، من يحاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم...).
على أنها تصرح بأنه يبايع كرهاً، أي رغماً عليه، وهو كما ترى.
رابعاً: الرواية تقول: إن هذا الحادث يعقبه ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بعد مبايعته عند الكعبة.
وهذا يعني أنه لابد أن تكون هذه الحادثة مسبوقة بالعلامات الحتمية للظهور، والحال أنه لم تقع أية علامة من علامات الظهور الحتمية لحد يوم الناس هذا.
خامساً: من حق أي مؤمن أن يستبشر بقرب ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) تطبيقاً لقانون (فتوقعوا الفرج صباحاً ومساءً).
لكن عليه أن لا ينسى المعايير العلمية التي أكّد عليها أهل البيت (عليهم السلام)، وأن يبحث عن الطرق الصحيحة للمعرفة المهدوية المبتنية على اليقين، فإن أمر أهل البيت (عليهم السلام) أبين من الشمس كما عبَّر الإمام الصادق (عليه السلام).
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)