الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
المقصود من تجديد الفرائض هنا بمعنى إحيائها وتفعليها في المجتمع بعد اندثارها وتضييعها، لا بمعنى أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يأتي بدين جديد غير دين الإسلام الذي جاء به رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)، وهذا الإطلاق للفظ (التجديد) مستعمل في أحاديث العامة والخاصة، فقد روى أبو داوود في سننه عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) قوله: إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها. [سنن أبي داود: ج٢، ص٣١١]
واستعمل لفظ (التجديد) في روايات أهل البيت (عليهم السلام) بهذا المعنى أيضاً كما في رواية الإمام الباقر (عليه السلام) في قوله: يا عبد الله ما من عيد للمسلمين أضحى ولا فطر إلّا وهو يجدد لآل محمد فيه حزناً. قلت: ولِمَ ذاك؟ قال: لأنهم يرون حقهم في يد غيرهم. [الكافي للشيخ الكليني: ج٤، ص١٧٠]
وعليه فيكون معنى (التجديد) إظهار ما أخفي من الدين وأحكامه وإزالة البدع والأباطيل عنه التي ألحقت به حتى صار واقع الإسلام الأصيل غريباً بين الناس كحاله في أول الأمر لا يعرفه إلّا القلة منهم.
ومما يؤيد هذا المعنى بوضوح ما روي في الدعاء الذي نقله الشيخ العمري (رضي الله عنه) والذي يُدعى به في زمن غيبة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه): وأصلح به ما بدل من حكمك، وغير من سنتك حتى يعود دينك به وعلى يديه غضاً جديداً صحيحاً لا عوج فيه ولا بدعة معه حتى تطفئ بعدله نيران الكافرين. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٥١٤]
وكذلك ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): إذا قام القائم (عليه السلام) دعا الناس إلى الإسلام جديداً وهداهم إلى أمر قد دُثِر، وضلَّ عنه الجمهور، وإنما سمي القائم مهدياً لأنه يهدي إلى أمر مضلول عنه، وسمي القائم لقيامه بالحق. [الإرشاد للشيخ المفيد: ج٢، ص٣٨٣]، فتلاحظ أن (التجديد) هنا ما يقابل الاندثار وما ضلَّ الناس عنه.
وكذلك ما رواه النعماني في كتابه الغيبة عن الإمام الصادق (عليه السلام) في سياق حديثه عن أعمال الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عند ظهوره الشريف: يهدم ما كان قبله كما هدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر الجاهلية، ويستأنف الإسلام جديداً. [الغيبة للشيخ النعماني: ص٢٣٦]، قال الخليل الفراهيدي: استأنفت كذا، أي رجعت إلى أوله. [معجم مقاييس اللغة ابن فارس: ج١، ص١٤٦]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)