المقال: مجلة النجف الاشرف تتجول في اروقة مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام
الكاتب: السيد محمد هاتف ابو الريحة
الناشر: مجلة النجف الاشرف
تاريخ النشر: العدد ٢٧ من المجلة/ بتاريخ: ذي الحجة/١٤٢٧ه
موقع النشر: www.alnajafalashraf.org
=============
مجلة النجف الاشرف تتجول في اروقة مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام
مهما تعملقت الجبابرة ومهما علا طغيانها واتسع لابد لهذه الظلمة ان تنجلي ولابد أن تتكسر كل الأسوار الزجاجية التي بنوها وبظنهم أنها أسوار عظيمة أمام تاريخ مدينة النجف الأشرف هذه المدينة البارزة على الخارطة الإنسانية بكل ما تحمله من تاريخ كتبت حروفه مداد العلماء ودماء الشهداء ولأنها قبل ذلك المدينة التي قد تشرفت بدفن جسد باب مدينة علم الرسول (ص) الإمام علي ابن ابي طالب(ع). فقد كانت وسوف تبقى عاصمة روحية ومدينة تظل الجميع لأن فيها اساطين العلم وجهابذة الفكرة الأصيل وبعد ذلك العسر لابدّ من إستثمار هذا اليسر في حريـة نشر علوم اهل البيت (ع) فقد برز رجال في شتى مجالات العلم لتؤسس مراكز ومؤسسات ثقافية لينقـل عبرها ذلك الشعاع المحمّدي الأصيل إلى أقصى بقاع المعمورة ومن ضمنها هذا المركز الذي يحمل موضوع تحقيقنا لهذا العدد (مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عج).
حيث تمثل قضية الموعود المنتظر (عج) واحدة من أهم المفردات المطروحة على الساحة العلمية لجميع مفاصلها وبمختلف مذاهبها وآيديولوجياتها الفكرية واتجاهاتها الفلسفية فالجميع يعتقد باليوم الموعود الذي يعم فيه العدل والسعادة للإنسانية الجمعاء ولكنّها تختلف تبعاً لمدارسها الفكرية.
هذا وقد التقت مجلة النجف الأشرف السيد محمد القبانجي مدير المركز وكان لنا معه هذا اللقاء.
النجف الأشرف: سيدنا العزيز نرجوا إعطاء توضيح بخصوص فكرة إنشاء المركز؟
السيد محمد: في الواقع إن أحد دواعي إنشاء مثل هذا المركز هو الاحتياج من جهة والفراغ الثقافي الذي سبب هذا الاحتياج من جهة أخرى، ولا ينحصر هذا الفراغ في الإمام المهدي (عج) فحسب بل في عموم ثقافة أهل البيت (ع) وبالخصوص ثقافة الانتظار والعقيدة المهدوية لذلك ارتأت المرجعية العليا ومن خلال وكيلها السيد جواد الشهرستاني حفظه الله بالتبنّي لمثل هذا المشروع بعد إن عرضنا عليه أصل الفكرة ومحاورها وكيفية العمل في تفعيل حركة الانتظار على أسسها الأصيلة المتينة بلا تحريف ولا زيادة ولا نقصان وكذلك من جرّاء ما وجدنا لكثير من الشبهات المطروحة الميدانية منها والعقائدية ومن خلال هذه الصورة تم تبنّي ورعاية هذا المشروع رعاية معنوية وأبوية ومادية وأنشئ ببركة الإمام سلام الله عليه وتحت نظر المرجعية العليا.
النجف الأشرف: ما هي أهداف هذا المركز؟
السيد محمد: إن من أهم أولوياتنا في إنشاء هذا المركز هو بناء الذات الشيعية وتحصينها من الأفكار والانحرافات والهجمات الثقافية الخارجية لذلك ركّزنا داخل الإطار الشيعي لبناء الأسس العلمية المنطقية التي تحبب الإمام للجمهور والتي تعكس صورة إيجابية لحقيقة الانتظار البرّاقة المشرقة الهادفة والتي ملؤها الحركة والأمل والتفائل والتفاعل بالمستقبل القريب.
النجف الأشرف: سيدنا لماذا الإمام المهدي (عج)؟
السيد محمد: الجواب لهذا السؤال لا تسعه جلسة واحدة ولكن أوجز بالممكن. إن مشروع الإمام المهدي قضية عالمية تستحق الاهتمام بها سواء على المستوى النظري أو على صعيد المستوى العملي، كذلك تشكل الحلقة النهائية للأطروحة الشيعية المعبّرة عن الفهم الأصيل للإسلام والتي تعتبر الإيمان بالخاتم محمد (ص) والعترة من بعده (ع)بنحو وحدوي لا يمكن أن ينفك فدعمها والدفاع عنها وغرسها في قلوب المؤمنين دفاع عن كل كيان شيعي إذ بدونه ينحل عَقدُ الإمامة المتمثّل بالاثني عشر وتختلف قضية الإمام المهدي عن غيرها من الأئمة بعدّة نواحي ممكن ذكر بعضها.
أولاً: إن الإمام روحي له الفداء حيّ معاصر لنا.
ثانياً: تعرّضت هذه القضية لموجة من التشكيكات العنيفة واثيرت حولها الشبهات.
ثالثاً: الكثير ممن يرغب في أن قضية الإمام المهدي أن تكون طبق رؤاه وأفكاره وموافقة لمدرسته فكل يجرّ النار إلى قرصه.
رابعاً: محاولة ذوي النفوس الضعيفة جاهدة في تقمّص هذه الشخصية العميقة أو أحد أتباعه لنيل قسط من حطام هذه الدنيا الفانية.
النجف الأشرف: سيدنا نظرتكم للواقع العراقي والفكرة المهدوية؟
السيد محمد: إن ضبابية الثقافة المهدوية في المجتمع العراقي بسبب الإنتهاكات للنظام البائد ومحاربته لكل معالم التشيّع وعلى جميع الأصعدة وأهمها قضية الانتظار والمنتظر (عج) باعتبار أنها تشكّل معلماً يبعث الروح الإيجابية الرافضة للظلم والممهّدة للظهور الأعظم. بعد معرفة هذه الحقيقة كان جلّ اهتمامنا هو النهوض بالواقع العراقي وبذل قصارى الجهود لرفع مستواه الثقافي.
النجف الأشرف: ما طبيعة الكوادر الداخلة في عملكم وهل هي مقتصرة على الكوادر الحوزوية؟
السيد محمد: نحن نعتقد إن الإمام المهدي (عج) لا تختص به فئة دون أخرى، ولا بصنف من أبناء هذه الطائفة دون آخر ولا يمكن إحاطته من قبل هذه الفئة أو ذلك الصنف. فالأكاديمي يستطيع أن يبدع في طرح قضية الإمام المهدي في إتجاهاته العلمية فالقانوني مثلاً يستطيع أن يطرح نظرية الإمام المهدي والقانون الإلهي في عصر الظهور، كذلك المهندس يطرح التطور الهندسي والتكنلوجي في عصر الظهور والتربوي يستطيع ان يشرح الأخلاق الفاضلة لأصحاب الإمام المهدي إلى طلبته أو للمجتمع بأسره في عصر الظهور. أيضاً على سبيل المثال الفنّان التشكيلي يستطيع أن يبدع بريشته الانتظار ما لا يستطيع غيره ربما في تصوير حالات الانتظار لتقريب الفكرة إلى القلوب بإعتبار إن الفن يحاكي القلب والوجدان لذلك النفوس تهوى الفن. لذا من ضمن نشاطاتنا افتتح المركز أكثر من معرض في محافظات العراق للفنون التشكيلية حيث شارك في العام الماضي أكثر من ١٣٠ فناناً من كبار فناني العراق بأكثر من ٥٠٠ لوحة هذا مما يدلّ على الإشتراك الأكاديمي في عمل المركز.
النجف الأشرف: إذا امكن التوضيح لنا عن هيكلية المركز؟
السيد محمد: بالرغم من قصر المدّة التي أسس بها حيث أسس في ١٥ شعبان بعد سقوط النظام بستة أشهر تقريباً أي عمره ثلاث سنين ونيف إستطاع أن يخطو خطوات كبيرة ربما نقول لا بأس بها لكن الطموح والحاجة إليه وشمولية قضية الإمام المهدي نستطيع أن نحكم بأننا ما زلنا نراوح في مرحلة الصفر. لذا يجب أن تتكاتف الأيدي والمؤسسات بل كل الأشخاص المنتظرين لهذه القضية ولهذه الأطروحة العالمية. فكان العمل على عدّة أبعاد واتجاهات أذكر الأقسام التي تم إنشاءها مع الجدير بالذكر إن لكل قسم بالإمكان إحاطته بأكثر من تقرير فسوف نعرف كل قسم بالممكن الموجز وهي:
١. قسم التحقيق وردّ الشبهات: يتبنى هذا القسم نخبة من السادة المحققين ذوي الإختصاصات في هذا المجال والهدف منه تحقيق التراث المهدوي من كتب ومقالات ورسائل تراثية وتعطي الأولوية للكتب والرسائل المتخصصة والتي لم تر النور سابقاً.
٢. قسم المكتبات. يتوفّر في المركز على مكتبات متنوعة تبعاً لتنوّع مصادر المعرفة فيها ويشمل.
أ. قسم الكتب المطبوعة: وتضم الكتب المتخصصة في قضية الإمام المهدي وبأكثر من لغة حيث تم توفير أكثر من ألف كتاب كما تم تشكيل جناح خاص لكتب ردّ الشبهات.
ب. قسم المكتبة الخطّية: تم فيه شراء وتصوير المخطوطات المرتبطة في هذا المجال بعد الإتصال بكبريات المكتبات في العراق وإيران وألمانيا وتركيا واليمن وغيرها.
ت. قسم المكتبة السمعية والمرئية: ويضم هذا القسم ما يقرب أكثر من ثلاثمائة خطاباً لحد الآن مسجلاً ومصوراً متخصصاً سواء كان على صعيد الندوات الفكرية أو المحاضرات الدينية المتخصصة.
ث. قسم الإنترنت: وسوف نذكر بعض الشيء عنه لاحقاً.
٣. قسم التأليف: يقوم بإصدار ونشر ما تقوم به الأقسام المتعدّدة في المركز وفروعه من نشاطات، حيث تم إصدار العديد من المؤلفات عبر سلسلات ثقافية مختلفة حيث يصدر القسم مجلة فصلية متخصصة في قضية الإمام المهدي (عج) موسومة بـ (مجلة الانتظار) إذ لما وجدنا من ضرورة ترسيخ عقيدة الانتظار من خلال أبحاث لاقلام متخصصة ودعوة أوجهها للأقلام ذات العلاقة بذلك لتكون منبعاً ثراً ورافداً معطائاً جيّداً في المكتبة المهدوية فبالرغم من المشاكل الحالية للوضع لم يتخلّف عدد عن الصدور فقد وصل العدد الثامن منها في الأسواق.
٤. القسم الفني والكمبيوتري:
يقوم برفد الأقسام الأخرى بما تحتاج إليه كلٌ في مجاله من تكثير الأقراص الليزرية من ندوات ومحاضرات وتصميم البوسترات وتتقيد لإصدارات المركز وتصحيحها كمبيوترياً، ويقوم بتلوين الصور المعدّة في قصص للأطفال المتخصصة في الإمام المهدي (عج).
٥. قسم الإعلام والثقافة:
يتنبى هذا القسم الجانب الدعائي والإعلامي لغرض نشر الوعي الجماهيري في الإمام من خلال بوسترات أو ملصقات جدارية وأقراص ليزرية وكاسيتات ولحدّ الآن نشر منها مئات الآلاف
٦. قسم الطفولة المهدوية:
يعتني هذا القسم بمرحلة الطفل من حيث توفير له الكثير مما يحتاجه كالتعريف بإمامه وزيادة محبّة الطفل به والعمل الدؤوب لنيل رضاه من خلال قصص مصوّرة وإصدار برامج ثقافية وإقامة مسابقات علمية وثقافية وأدبية بما يناسب الطفل المسلم.
٧. قسم الأخوات:
ان هذا القسم يعتني بهذه الشريحة الكبيرة في المجتمع لتعريف المرأة العراقية والشيعية بشكل عام على دورها الريادي في التمهيد للظهور وفي عصر الظهور فالآن هنالك ثلاث دورات مكثّفة لإعداد المبلغات بإستعانة بأساتذة من فضلاء الحوزة العلمية فأصبحن اللاتي تخرّجن من هذه الدورات محاضِرات في الجامعات والكليات والمعاهد.
النجف الأشرف: ما هي نشاطات المركز الميدانية.
سيد محمد: المركز ينقسم إلى قسمين بطبيعته الجانب النظري والجانب الميداني وكما تعرفون إن الإسلام بشكل عام هو الحياة ودستور يمشي على الأرض وليس كهنوت وليس رهبانية. فكذلك قضية الإمام المهدي ليست هي عقيدة نظرية محضة، وإنما هي تجسيد للواقع البشري فلا يمكن طرح هذه القضية على شكل كتب حصراً ونجعلها قضية نظرية فلسفية بحتة. فلابد من تجسيدها على أرض الواقع لذلك كانت الخطط الميدانية من أمثال المعارض الفنية والثقافية في كربلاء والنجف الأشرف والمحاضرات في كثير من الكلّيات والجامعات، فقط على مستوى النساء كان في العام الماضي أكثر من ٨٠٠ ندوة في مختلف المدارس من الإبتدائية إلى المعاهد النسائية وهكذا في كلية الطب وفي كلية التربية والتعليم في النجف الأشرف وفي كلية الشيخ الطوسي كما تم التعاون والتنسيق مع مؤسسات أخرى مثل مؤسسة المرتضى ومؤسسة شهيد المحراب ودائرة شؤون المرأة على سبيل المثال أصدر المركز المسابقة الموسومة بـ (المسابقة المهدوية الكبرى) من ٢٥٠ سؤالاً وزعت منها مؤسسة المرتضى المباركة أكثر من ٧٠٠٠ نسخة باعتبار لها أذرع من خلال مراكزها في مختلف المحافظات.
النجف الأشرف: هل لديكم أفكاراً مستقبلية في عملكم المبارك؟
السيد محمد: مشروع مركزنا نعتبره النواة لمشاريع كبرى في قضية الترويج للإمام (سلام الله عليه)، فنحن نتفهّم الواقع ولا نتكلّم في عالم المثل وإنما نتكلّم ما يمكن ان نستطيع تحقيقه على أرض الواقع بالممكن المتيسّر فمثلاً نطمح أن تكون لنا فضائية في قضية الإمام المهدي (عج) ونطمح لأن يكون هنالك معهد تخصصي في الإمام المهدي (عج) لمدة سنتين أو أكثر يضم الدراسة الحوزوية والأكاديمية وذلك بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي ووزارة التربية ومن لهم العلاقة. نسعى أيضاً جادّين وعلى الخصوص عند تحقيق الفدرالية في العراق أن ندخل في المنهج الدراسي قضية الإمام المهدي بنحو أساسي ومفصّل لإحراز فائدتين رئيسيتين أولاها تعريف الأمّة لإمامها وثانيها تحصين الأمّة من الإنحرافات العقائدية لأن نسبة كبيرة من الإنحراف الموجود ناتج من الفراغ العقائدي.
النجف الأشرف: تعلمون سيدنا الجليل إن الإنترنيت جعل العالم كقرية صغيرة يتبادل فيها المتحاورون الحديث فاختزل المسافات وقرّب البعيد فما هو مدى استفادتكم بهذه الوسيلة العصرية للتبليغ حول قضية الإمام المهدي؟
السيد محمد: تم بحول الله افتتاح قسم خاص للتبليغ بقضية الإمام المهدي (عج) عبر الإنترنت فلدينا المشاركة في أكثر من ٤٠ منتدى حواري سواء كان شيعياً أو سنياً أو علمانياً ونأمل أن يتصاعد هذا العدد ليشمل منتديات أكثر في كل الشبكات والمواقع في الأنترنت. للوصول إلى أقصى نقطة من بقاع العالم، والجدير بالذكر حينما ابتدأنا في موقع الإمام المهدي للمركز وجدنا إهتمام الغرب في هذه القضية بالمقدار الذي جعلنا نشحذ الهمم وحفّزنا في التخطيط وأثار فينا التأمل من أن موقع صغير من بين ملايين المواقع والشبكات نلاحظ أن الفاتيكان قد اهتم به فراسلنا وباحثنا وأبدا اهتمامه لأنه صادر من النجف وبرعاية المرجعية ولأن الموقع يتكلّم ومختص في قضيّة عظمى لديهم فهي قضية حسّاسة عندهم وأذكر أيضاً إهتمام إسرائيل بهذا الموقع فتعتبر الجهة الثانية بعد الفاتيكان في عدد دخولها ومقدار زيارتها.
النجف الأشرف: بعد أن شكرنا السيد على تفضّله بالإجابة على إستفساراتنا وتمنينا له التوفيق والتسديد من الله والمباركة من إمام العصر والزمان (عج) في عمله أستدرك قائلاً.
السيد محمد: ختاماً أشكر مجلة النجف الأشرف التي هي وأن سميت بهذا الإسم للتبرك بأمير المؤمنين والتبرك بأصالة الحوزة إلا إنها وبحسب إعتقادي هي مجلة العراق ومجلّة كل إنسان مريد للثقافة الأصيلة.